تحدث المقابلة التالية, التي أجريت مع ناثط اسمه محمد, عن الوضع الحالي في مصر. لمزيد من المعلومات, راجع حملتنا هنا.
شكّلت الثورة المصريّة في عام 2014 ذروة الربيع العربي. وكان بالإمكان أن تكون الفرصة بالنسبة لمصر من أجل المضي قدماً في حقوق الإنسان ولكن للأسف يبدو أنّ النتيجة أتَت خلاف ذلك تماماً. فما هو تقييمكم للوضع على الأرض؟
لا يمكنك أن تتوقّع حصول أيّ تحسّن في وضع حقوق الإنسان عندما تقبع تحت سلطة حكم عسكريّ.
إنّ حقوق الإنسان تشهد أوقاتاً مظلمة في مصر. وتنتهج الحكومة سياسة عدم التسامح المطلق مع النقد مع حظرها ما يزيد على 460 منفذاً إعلاميّاً ومنظّمة. وهناك عشرات الآلاف من الأشخاص وراء القضبان بسبب نشاطهم السياسيّ؛ فالقضاء مُسيّسٌ وذرائعيّ للغاية ؛ ناهيك عن أنّ عدد عمليّات الإعدام المنفّذة حاليّاً هو الأعلى في تاريخ مصر. كما يجري استهداف الأشخاص غير الممتثلين من حيث الدين والنوع الاجتماعي ووضعهم قيد الاحتجاز. وتتزايد نفقات التسلّح فيما البلد يغرق في الدين والأزمة الاقتصاديّة.
وما يبعث على الصدمة هو تواطئ الحكومات الغربيّة في ذلك فهي لا ترحّب فحسب بالرئيس المصري في اجتماعاتها متجاهلةً هذه الانتهاكات الفادحة بل إنّها تستمرّ في تزويد الحكومة المصرّية بالأسلحة وتقنيّات التجسّس.
ما كان مصير النشطاء المصريين الذين شاركوا في مظاهرات عام 2011؟
إنّه سؤال صعب، فقد كان هناك الآلاف من النشطاء في شتّى ميادين الثورة وكانوا أصحاب ميول سياسيّة متنوّعة وبالتالي تباينت مصائرهم وفقاً لذلك.
وتقع الحركات الإسلاميّة ضحيّة لأكثر التدابير قمعاً وإجراماً من طرف النظام الراهن ويتجلّى ذلك من خلال سجن الآلاف منهم من دون حصولهم على حقوقهم الأساسية والمعاملة اللائقة والزيارات والمحاكمات العادلة وغيرها.
علاوةً على ذلك، تمّ سجن بعض النشطاء اليساريين والليبراليين والحقوقيين أمّا البعض الآخر فقد غادر البلاد. وفُرِضَت كذلك أوامر حظر سفر على طائفة من النشطاء فيما تخلّت مجموعة أخرى عن نشاطها بالكامل. غير أنّ الأغلبيّة تسعى إلى محاربة القمع الجاري بالأدوات القليلة جدّاً التي تمتلكها.
منذ بضعة أيّام مَضت، أُجريَ تعديل وزاري على الحكومة المصريّة واختيرت ستّ نساء لتولّي حقائب وزاريّة للمرّة الأولى في تاريخ مصر. فيما يتجاوز هذا التدبير، هل يسعكم القول إنّ الحكومة تُحاول تحسين وضع النساء في البلد؟
إنّ زيادة عدد الوزيرات أو البرلمانيّات هو خطوة جيّدة ولكنّ ذلك لا يمكنه أن يشكّل المعيار الوحيد لحقوق النساء كما ولا يمكن فصل هذه السياسة أيضاً عن السياسات الحكوميّة الأخرى. لا تستطيع الحكومة أن تكون جديّة في مسعاها إلى تحسين أوضاع النساء في ظلّ السياسات الاقتصاديّة والاجتماعيّة القائمة حيث إنّ تزايد مستويات الفقر والبطالة يؤثّر تأثيراً غير متناسباً على المرأة . علاوةً على ذلك، مع سجن الآلاف من الرجال في قضايا سياسيّة، يُترَكُ المزيد من النساء كعائل وحيد للأسرة. وفي نهاية المطاف، لا يمكن ضمان حقوق النساء من دون حركة نسائيّة قويّة وهو أمر يستحيل تحقيقه في الوقت الراهن بسبب تقلّص الحيّز المتاح للمجتمع المدني والافتقار التام إلى حريّة التنظيم.
ما انفكّت الأورومتوسطيّة للحقوق تعمل على حملة مناهضة للاحتجاز التعسفي للنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان. ما هي توقّعاتكم بشأن النتائج؟
من الصعب جدّاً رسم خطّ مستقيم للعلاقة السببيّة بين حملات محدّدة والنتائج المترتبة عنها. بيد أنّ كافّة الجهود المناوئة لانتهاكات حقوق الإنسان هي مجدية حتّى لو لم تكن النتائج سريعة وملموسة. وبسبب العدد المتزايد من المحتجزين والفترات الطويلة من الاحتجاز التعسفي للنشطاء، تحتاج هذه القضيّة بشكل خاص إلى مواصلة الجهود المتضافرة وسوف تؤدي كلّ حملة من الحملات بصورة تدريجيّة إلى إحداث تغيير معيّن.
هل تشعرون بالأمان في مصر؟
مع صعود الحكومات اليمينيّة في كافّة أرجاء العالم، أشكّ في شعور أيّ كائن كان بالأمان التامّ في أيّ بقعة في العالم!
يصعب بالطبع العيش في ظلّ ديكتاتوريّة عسكريّة ولكننا لا نزال مُحاطين بالأسرة والأصدقاء وحتّى في هذه الفترات الحالكة جدّاً، نحن محظوظون بما فيه الكفاية لنشهد على أفعال استثنائيّة من الشجاعة والتضامن والتعاطف.