في ظل ازدياد العنصرية في المنطقة الأوروبية المتوسّطية، تذكّر الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان بأهمية مبدأ عالمية حقوق الإنسان، وتستنكر غياب الآليات التي تتيح حصول الجميع على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ما يشكّل انتهاكًا للالتزامات الدولية لبلادنا على النحو المنصوص عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي الاتفاقيات التي تضمن احترام حقوق المهاجرين واللاجئين.
على الرغم من بعض المؤشرات الإيجابية في الشمال والجنوب بما في ذلك “الحزمة” الأوروبية الخاصة بالهجرة بهدف العمل، وإتاحة فرصة الإقامة طويلة الأجل للاجئين في الاتحاد الأوروبي، وقانون الأجانب والحماية الدولية في تركيا، وعملية التسوية في المغرب، وإدراج العمّال المنزليين في قانون العمل في الأردن، من الواضح أن دول المنطقة تستمرّ في إرساء هرمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين المواطنين والأجانب
ازدادت هذه النزعة حدة في السياق الإقليمي الذي يتسم بتراجع قوّة الاقتصادات في أوروبا كما في الجنوب، وعدم الاستقرار السياسي المتزايد في دول جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط. وتُترجم هذه النزعة في الارتياب من الأجانب، وحتّى رفضهم اجتماعياً، مدعومة بهستيريا أمنية تفضي إلى الاشتباه بهم. وفي ظلّ عدم احترام حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، يغدو الأجانب “مستبعدين”، وبالتالي عرضةً لكافة أشكال الاستغلال والعنصرية المتفشية. وهذا ينطبق بشكل خاص على رعايا دول أفريقيا جنوب الصحراء في جميع دول أفريقيا الشمالية، وحتى في العديد من دول الاتحاد الأوروبي.
تخصص الدول الأوروبية حصصًا متزايدة من ميزانياتها لبناء الحواجز وتعزيز قدرات وأنشطة وكالة “فرونتكس”، بما في ذلك خارج الاتحاد الأوروبي. تُبنى بناء الأسوار والجدران في كافة أنحاء المنطقة الأورومتوسطية، بما في ذلك على طول نهر إفروس في اليونان، وبين المغرب والجزائر، والمغرب وسبتة ومليلية، وإسرائيل ومصر.
وفي أوروبا، يسمح تباين التشريعات المتعلّقة باللجوء والهجرة وتنفيذها للسلطات بتجنّب مسؤولية استضافة المهاجرين واللاجئين، واعتماد سياسات هجرة ولجوء تقييدية. وهو ما يظهر من خلال التوتّرات بشأن نظام “دبلن 3”.
يُنظر إلى القانون الدولي العام والقانون الأوروبي على نحو متزايد على أنّهما التزامات قانونية مفرطة تتحدى سيادة الدولة. إذ يُنظر إلى الأجانب على أنهم عبء وليس كأشخاص ذوي حقوق.
ويدلّ تزايد عدد القتلى والمفقودين في البحر المتوسط على فشل سياسات الهجرة الأوروبية، في حين تدلّ زيادة العنف العنصري في جميع أنحاء المنطقة على رفض إدماج المهاجرين ومنحهم حقوقًا متساوية. ولهذا السبب فإنّ المساواة في الحصول على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عامل حاسم لمكافحة التمييز بين المواطنين والأجانب.