تحيي الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان في 8 آذار/مارس 2012 اليوم العالمي للمرأة. ويأتي الاحتفال بهذه المناسبة في سياق الانتفاضات التي تطالب بالديمقراطية في منطقة جنوب المتوسط، والأزمة الاقتصادية في أوروبا. تتوجه الشبكة الأورو-متوسطية بالتحية للكفاح والطموح المتواصلتحقيق الكرامة والحريات في بلدان جنوب المتوسط، وتعرب عن ثنائها بصفة خاصة للدور المحوري الذي اضطلعت به النساء في الحركات المناهضة للأنظمة القمعية.
إلا أن الشبكة الأورو-متوسطية تعرب عن قلقها جراء الانتكاسات والتراجع المُحبط لوضع النساء في عدد من هذه السياقات والتي تهدد النهوض الحقيقي بحقوق النساء والمساواة بين الجنسين في العمليات الانتقالية في بلدان جنوب المتوسط، وكذلك في أوروبا، ولا سيما جنوب أوروبا، التي تعاني من أزمات اقتصادية ومالية.
وعلى الرغم من أن النساء اضطلعن بدور حيوي في الثورات العربية وعلى قدم المساواة مع الرجال، إلا أن المرحلة الانتقالية التي تبعت الربيع العربي اتسمت بالتهميش المنهجي للنساء والغياب شبه الكامل لأولوياتهن وشواغلهن من أجندات العمليات الانتقالية. وتخشى النساء مما يبدو أنه توجهات قوية لحرمانهن من التمتع بحقوق المواطنة الكاملة.
وترحب الشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الإنسان بالبنود التي تنص على المساواة في انتخابات المجلس التمثيلي في تونس، إلا أنها تعرب عن أسفها لعدم تحقق مساواة حقيقية على الأرض وأن تمثيل النساء ظل في نهاية المطاف بعيداً عن المساواة. كما ترحب الشبكة بالمواد التي تنص على المساواة بين الجنسين ضمن الدستور المغربي، إلا أنها تظل قلقة من أنه لم يتم تفعيل تلك المواد. وتشعر الشبكة الأورو-متوسطية بقلق عميق حيال الاستبعاد المنهجي للنساء المصريات من الهيئات الانتقالية وعمليات صنع القرار. كما تشعر الشبكة بقلق عميق حيال الحملات الهادفة إلى تشويه صورة الناشطات المنهمكات بالتظاهرات السلمية والحركات السياسية. وتعرب الشبكة عن شجبها بصفة خاصة لإخضاع بعض الناشطات لفحوص طبية قسرية للكشف عن العذرية وللوحشية التي تم استخدامها من قبل الجيش والشرطة المصريين ضد النساء المتظاهرات. وفي المناطق الفلسطينية المحتلة، تتواصل معاناة النساء من العنف الناتج عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. علاوة على ذلك، يتواصل تفاقم الوضع الضعيف للنساء الفلسطينيات جراء ضعف سيادة القانون والتمييز القائم على النوع الاجتماعي الذي يظل جزءاً من التشريعات والأنظمة والسياسات.
وفي أوروبا، فإن النساء هن أول من يعاني من آثار الأزمة الاقتصادية، مثل خسارة العمل والتوظيف وضعف الموقف وسياسات التقشف التي تؤثر على الخدمات العامة مثل التعليم والصحة، وتصاعد التطرف اليميني الذي يضفي الصفة الاعتيادية على تقليص سيطرة النساء على خصوبتهن. علاوة على ذلك، عمدت البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى إلغاء أو تأجيل الإجراءات الرامية إلى تحقيق المساواة بين الجنسين، وذلك كجزء من الاستجابة للتحديات التي تثيرها الأزمة الحالية، مما سيؤثر بصفة مباشرة وغير مباشرة على التقدم في مجال المساواة بين الجنسين في جميع أنحاء أوروبا.
وفي جميع أنحاء منطقتي شمال المتوسط وجنوبه، يبدو بالتالي أن الثقافة الأبوية السائدة تعيد إنتاج قيمها على نحو أكثر قوة معتمدة على النزعات الدينية المحافظة المتنامية وعلى تضاؤل الإرادة السياسية للحكومات وتناقص التزامها بالنهوض بالمساواة بين الجنسين. وتخضع النساء لعنف وتمييز متزايدين بسبب غياب الأمن الذي يشوب المراحل الانتقالية السائدة.
ونحن نذكّر بالتزامات المعلنة للدول باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325 واللذين تم التأكيد عليهما في السياسة الأورو-متوسطية المشتركة للنهوض بحقوق المرأة، وفي نتائج المؤتمر الوزاري الأورو-متوسطي الذي عقد في عام 2009 في مراكش، وخصوصاً المادتين 4 و 15 اللتين أكدتا على الأهمية الكبيرة للمشاركة المتساوية للنساء في جميع مجالات الحياة من أجل تحقيق الديمقراطية والتنمية المستدامة.
كما نشير إلى استنتاجات مجلس الاتحاد الأوروبي الصادرة في 1 كانون الأول/ديسمبر 2011 بشأن سياسة الجوار الأوروبية والتي أكدت على “أن حقوق النساء والمساواة بين الجنسين ومشاركة النساء في العمليات السياسية هي عناصر أساسية في المجتمع الديمقراطي، ومهمة لتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة للكافة”.
إن نساء المنطقة يطالبن بالديمقراطية والمواطنة القائمة على المبادئ الأساسية المتمثلة بالمساواة بين الرجال والنساء، والحرية، والكرامة، والسلامة النفسية والبدنية، وإمكانية الوصول إلى الموارد، والصحة، والتعليم، والقدرة على اتخاذ القرارات التي تؤثر على أجسادهن وحياتهن، وهن جديرات بتحقيق هذه المطالب.
ولذلك، تطالب الشبكة الأورو-متوسطية من:
الحكومات، والحكومات الانتقالية والهيئات الانتقالية في بلدان جنوب المتوسط:
1. التأكيد على مبدأ المواطنة القائمة على المساواة بين المواطنين، وعدم التمييز استنادا إلى الجنس أو الارتباطات القومية أو الدينية أو المعتقدات أو الطبقة الاجتماعية أو أية أشكال أخرى من التمييز.
2. إقرار مبدأ أسبقية اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية على التشريعات الوطنية في الدساتير الجديدة، واعتبار تلك الاتفاقيات كمصدر أساسي للتشريع.
3. إقرار مبدأ المساواة بين الجنسين وعدم التمييز ضد النساء في الدساتير والتشريعات الجديدة والتشريعات التي تم تعديلها مؤخرا، وإلغاء مواد القوانين التي تنطوي على تمييز، وإقرار تعريف التمييز حسب ما ورد في اتفاقية سيداو.
4. ضمان المشاركة والتمثيل المتساويين للنساء في الهيئات التشريعية والقضائية والتنفيذية وفي مناصب اتخاذ القرارات خلال المراحل الانتقالية وما يليها عبر إقرار إجراءات إيجابية مثل المواد القانونية التي تنص على المساواة، ونظام الحصص، وبرامج تمكين النساء، وتوفير دعم مالي ، وإدماج النوع الاجتماعي في كافة السياسات والمشاريع.
5. إقامة آليات لضمان مكافحة الإفلات من العقاب لمرتكبي انتهاكات الحقوق الإنسانية للنساء والبنات ومرتكبي العنف الجنسي.
6. ضمان مشاركة النساء في جميع مراحل منع النزاعات وفضها، وذلك وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325.
7. ضمان المشاركة الكاملة والمتساوية للنساء الفلسطينيات في جهود التوسط وحل النزاع إضافة إلى الحوار المعني بإقامة الدولة، كي يتمكنّ وعلى قدم المساواة مع الرجال، من تشكيل الاتجاه المستقبلي لمجتمعهن بما يتماشى مع الالتزامات الدولية الواردة في صكوك مثل إعلان بيجين ومنهاج عمل بيجين وقرارات مجلس الأمن الدولي رقم 1325 (2000)، و 1820 (2008)، و 1888 (2009)، و 1889 (2009)، و 1960 (2010).
الحكومات الأوروبية:
1. عدم المساومة أبداً بحقوق النساء والمساواة بين الجنسين في مواجهة الأزمة الاقتصادية، وإنما الحرص على إبقاء قضايا النساء في مركز الأجندة السياسية.
2. الإدماج الكامل للنساء في عمليات صنع القرارات في المجالات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية.
3. التصدي للبعد المتعلق بالنوع الاجتماعي لتأثير حل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في خطط الإنعاش الوطنية.
4. تعزيز برامج مكافحة العنف ضد النساء والذي يجب أن يعتبر أمراً غير مقبول بتاتا في الدول الديمقراطية.
5. ضمان تمتع النساء بحقوقهن السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك حقهن في الصحة الإنجابية والصحة الجنسية.
الاتحاد الأوروبي والبلدان المتوسطية
1. احترام التزاماتهم التي تعهدوا بها في المؤتمرين الوزاريين الأورو-متوسطيين اللذين عقدا في إسطنبول في عام 2006 وفي مراكش في عام 2009، وبالتالي أن يعملوا على إدماج المساواة بين الجنسين في تنفيذ سياسة الجوار الأوروبية، وخصوصاً في جميع مجالات العلاقات الثنائية بين الاتحاد الأوروبي والبلدان المتوسطية مثل الاستراتيجيات القطرية لحقوق الإنسان التي وضعها الاتحاد الأوروبي، وتقارير التقدم السنوية في إطار سياسة الجوار الأوروبية، والحوارات السياسية والتقنية وكذلك في خطط العمل المستقبلية في سياق سياسة الجوار الأوروبية.