ورقة موقف تجاه الالجئين من سوريا

في حزيران/يونيو 2014، نشرت الأورو -متوسطية للحقوق ورقة موقف تجاه اللاجئين من سوريا[1]. وبعد مرور عام، تفاقم الوضع بشدّة مع بلوغ عدد النازحين حوالي 12 مليون شخص، من بينهم 4 ملايين خارج سوريا. الجدير بالذكر في هذا السياق أنّ اللاجئين من سوريا يلتمسون اللجوء في أيّ مكان ممكن، هربًا من حرب تدخل عامها الخامس من دون أيّ حلّ في الأفق، وقد استقبلت دول كالمغرب وحتّى البرتغال عددًا متزايدًا من العائلات الوافدة من سوريا.

فمع احتدام النزاع في سوريا، وجد المدنيّون أنفسهم عالقين بين الجماعات المسلّحة الموالية للحكومة وتلك المناهضة لها، على اختلاف انتماءاتها. لقد تمّت محاصرتهم داخل بلدهم، ووقعوا ضحية للعنف المستمرّ والعشوائي، بما في ذلك استخدام البراميل المتفجّرة والأسلحة الكيميائية.

وقد تحمّلت الدول المجاورة وطأة أزمة اللاجئين الناجمة عن الصراع، مع تزايد الضغوط المالية والديموغرافية الملقاة على كاهل المجتمعات المضيفة، ما أدّى إلى توتّرات محلّيّة. كما تجدر الإشارة إلى أنّ حصول اللاجئين على الحماية يزداد صعوبة (في لبنان، على سبيل المثال). وفي ظلّ تزايد المسائل الأمنية، أغلق كلّ من لبنان وتركيا والأردن حدوده مع سوريا، في حين اشترطت مصر حصول السوريين على تأشيرة للدخول إلى أراضيها.

في الإطار عينه، فتح الاتّحاد الأوروبي مؤخرًا بحذرٍ باب إعادة التوطين أمام 20000 لاجئ. وفي حين يؤمل بأن يصبح اللاجئون من سوريا، الذين تقطّعت بهم السبل في عدد كبير من بلدان المرور العابر، أهلًا للتمتّع بآليّات الحماية هذه، إلّا أنّ هذا الاقتراح غير الملزم للدول الأعضاء يبدو غير كافٍ ومتأخرًا جدًا بالنظر إلى احتياجات إعادة التوطين في العالم. فعدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ما زال يفرض بشكل مخزٍ تأشيرات المرور العابر على المسافرين جوًا من سوريا، ويعجز الكثيرون عن تقديم طلبات لمّ شمل العائلات، كونهم يحظون بحماية مؤقتة ولا يتمتّعون بصفة اللاجئين.

ومع أنّ التقارير عن حالات صدّ اللاجئين أقلّ توثيقًا ممّا كانت عليه في عامي 2013 و2014، إلّا أنّ اللاجئين من سوريا يمثّلون على نحو متزايد نسبة كبيرة من الأشخاص الذين لقوا حتفهم بشكل مأساوي أو فُقدوا في البحر الأبيض المتوسّط على مدى السنوات القليلة الماضية.

على مدى العام الماضي، أبلغت الأورو -متوسطية للحقوق ، وأعضاؤها، والمنظّمات الشريكة لها، عن حالات انتهاك كثيرة لحقوق الإنسان ضدّ لاجئين من سوريا في مختلف أنحاء المنطقة الأوروبية المتوسّطية، من بينها: حالات الاحتجاز التعسّفي في المشرق العربي؛ وحالات الصدّ عند الحدود اليونانية والتركية والبلغارية؛ وإضراب اللاجئين عن الطعام للتنديد باحتجازهم على نحو غير مشروع في مصر، والاعتراض على حرمانهم من الحماية في قبرص. هذا ناهيك عن قرابة 8 ملايين نازح داخل سوريا، بما في ذلك الوضع المأساوي للاجئين الفلسطينيين المحاصرين منذ أكثر من عامين في ظروف غير إنسانية داخل مخيّم اليرموك.

كما واصلت الأورو -متوسطية للحقوق خلال العام الماضي جهودها في مجال المناصرة إلى جانب المنظّمات الشريكة، داعية في ورقة مشتركة مختصرة إلى إعادة توطين ما لا يقلّ عن 180000 لاجئ من سوريا قبل نهاية العام 2015، وإلى زيادة الدعم الإنساني للدول المجاورة لسوريا. وقد أعربت الأورو -متوسطية للحقوق كذلك عن قلقها إزاء القانون الدنماركي الجديد بشأن الحماية الدولية الذي يمكن أن يحدّ من إمكانية لمّ شمل عائلات اللاجئين من سوريا وجماعات اللاجئين الأخرى.

وتلفت الأورو -متوسطية للحقوق الانتباه، انطلاقًا من عملها في أكثر الدول تضرّرًا من الأزمة، في المشرق العربي وفي أوروبا، إلى انتهاكات حقوق الإنسان الواسعة النطاق المرتكبة بحقّ اللاجئين من سوريا، بما في ذلك في بلدان الاستقبال.

كما تحثّ الاتّحاد الأوروبي ودوله الأعضاء على إظهار المزيد من التضامن مع اللاجئين من سوريا، على وجه السرعة، وتقدّم مطالبات عمليّة بوفاء أوروبا بالتزاماتها القانونية، والأخلاقية أيضًا، بالسماح للاجئين من سوريا بدخول أراضيها وبتوفير الحماية لهم.

 

[1]  تشير عبارة “اللاجئين من سوريا”، في هذه الورقة، إلى جميع اللاجئين الهاربين من سوريا، بصرف النظر عن الجنسيّة أو المواطنة.

 

 

Position Paper on Syrian Refugees_amended_AR