إنّ منظّمات المجتمع المدني الممضية أسفله وفي سياق متابعتها للمنعرج الخطير الذي آل إليه مسار تركيز المجلس الأعلى للقضاء عبر تراجع رئيس الحكومة عمّا نادينا به من ضرورة انتهاج حلّ توافقي لأزمة إرسائه وأمام تجاهل الحل التوافُقي المتمثل في مبادرة الرؤساء الثلاثة وهو المقترح النابع من داخل المجلس الأعلى للقضاء والمُتبنّي من قبل أغلبية أعضاءه وأمام الإصرار على فرض حلّ من خارج المجلس بتقديم مبادرة تشريعيّة مُخالفة بجميع المقاييس للدستور وللنصوص القانونية ذات الصلة بالمجلس الأعلى للقضاء فضلا عن انحيازها لموقف أقليّة من أعضاء المجلس،
فإنّها:
تُعبّر عن استنكارها الشديد من التدخّل الواضح والمفضوح لرئيس الحكومة في مسار تركيز المجلس الأعلى للقضاء بتقديم مبادرة تشريعية الهدف منها تغليب كفة طرف معين في المجلس على الأغلبية وتفتح الباب أمام تدخل السلطة التنفيذية في التوازنات داخل المجلس لترتهن استقلاليته.
تعتبر أن هذه المبادرة -وهي في الحقيقة تصحيحا تشريعيا-بمثابة الانقلاب على أحكام الباب الخامس من الدستور ومحاولة للرجوع إلى سياسة وضع اليد والسيطرة على القضاء.
تعتبر أن هذه المبادرة لن تحل الأزمة وإنما ستعمقها وستضرب استقلالية المجلس كما ستساهم في تعميق اهتزاز ثقة المواطن فيه مما سينعكس سلبا على حسن سير وأداء هذه المؤسسة الدستوريّة الوليدة، كما تعتبر هذه المبادرة انحرافا خطيرا بدور السلطة التشريعية وبآلية سنّ القوانين وتمثل خروجا بها عن الغاية التي وجدت من أجلها عبر تطويعها لمصالح سياسيوية ضيّقة لا تعكس مطلقا إرادة الشعب وسيادته .
تؤكد تمسّكها بالحل التوافقي المنبثق من داخل المجلس الأعلى للقضاء والمضمّن بالمبادرة التي أطلقها الرئيس الأوّل للمحكمة الإداريّة ورئيس المحكمة العقاريّة ووكيل الرئيس الأوّل لدائرة المحاسبات والتي أمضاها ما يزيد عن ثلثي الأعضاء، وتعتبر أنّ تجاهل رئيس الحكومة لذلك الحلّ التوافقي يشكّل انحيازا لرأي أقلي من أعضاء المجلس وفيه مخالفة للفصل 15 من الدستور وينطوي على ازدراء لموقف أغلبي توافقي مطابق للقانون .
تُحذّر من التمادي في مبادرة تشريعية مخالفة للدستور وللمعاهدات والمواثيق الدولية المصادق عليها وفيها اعتداء على استقلال القضاء بما يجعلها سابقة في المجال التشريعي ستكون مدخلا لاعتداءات مستقبلية على كل الحقوق والحريات المضمونة بالدستور والقانون لخدمة أغراض لا صلة لها بالوظيفة التشريعية وتتنافى ومقتضيات إرساء دولة القانون والمؤسسات.
تدعو أعضاء مجلس نوّاب الشعب إلى النّأي بالسلطة التشريعيّة عن انتهاج حلول مخالفة لأحكام الدستور والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس، وتدعوهم إلى رفض الانخراط في هذا المسار الذي يؤسس إلى تداخل السلط وإخضاع المجلس الأعلى للقضاء إلى المحاصصة الحزبية السياسية الضيقة، كما تدعو عموم القضاة وكافة مكونات السلطة القضائية ومنظّمات المجتمع المدني إلى التزام اليقظة والثبات في المحافظة على ما تحقق للشعب التونسي من مكتسبات دستورية مكرسة لاستقلال القضاء كالمحافظة على مسار تركيز سلطة قضائية مستقلة وضامنة للحقوق والحريات . وهو ما يتطلّب توحّد الجميع والتجنُّد للنضال بالوسائل القانونية والسلمية لإسقاط المُبادرة التشريعية إذا وقع تمريرها.
الإمضاءات
- الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
- التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية
- النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين
- جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية
- الجمعية التونسية للمحامين الشبان
- رابطة الناخبات التونسيات
- منظمة 10_23 لدعم مسار الانتقال الديمقراطي
- جمعية تالة المتضامنة
- الشبكة الوطنية لمكافحة الفساد
- مركز دعم التحول الديمقراطي و حقوق الإنسان (دعم)
- الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان