مع حلول شهر حزيران/يونيو 2014 يدخل الحصار غير المشروع التي فرضته إسرائيل على قطاع غزة عامه السابع. فبعد سنوات من العزلة، والقيود المتشدّدة على التنقّل والافلات من العقاب لانتهاك القانون الدولي، ازداد تقويض حقوق 1.8 فلسطيني يعيش في قطاع غزّة.
تدعو الشبكة الأوروبية-المتوسّطية لحقوق الإنسان الإتحاد الأوروبي والدول الأعضاء إلى اتخاذ خطوات إيجابية لإنهاء الحصار على قطاع غزة وضمان احترام القانون الدولي بشكلٍ حازم في ما يخصّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، نظرًا للظروف المتردّية في غزة وقبيل اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في حزيران/يونيو.
وكان الإتحاد الأوروبي قد دعا مرارًا وتكرارًا إلى رفع الحصار الإسرائيلي. غير أنّه فشل في ترجمة أقواله أفعالاً ملموسة وظلّ متردّدًا في معالجة ثقافة الإفلات من العقاب المتزايدة التي تشجّع على انتشار انتهاكات مشابهة. في الوقت الذي يفكّر فيه الإتحاد الأوروبي بالآثار المترتبة عن انهيار محادثات السلام، من المهمّ أن يتّخذ الإتّحاد الأوروبي والدول الأعضاء إجراءات إيجابية لضمان احترام القانون الدولي، وحماية المدنيين ورفع الحصار الإسرائيلي. ومن شأن التدابير هذه بالإضافة إلى تعزيز الروابط بين قطاع غزة والضفة الغربية أن تشكّل الخطوات الأولى الواجب اتّخاذها لتحقيق السلام المستدام في المنطقة.
بناءً على ذلك، تدعو الشبكة الأوروبية-المتوسّطية الاتحادَ الأوروبي والدول الأعضاء إلى القيام بالتّالي:
– اتخاذ التدابير كافة المتاحة لضمان رفع الحصار الفوري وغير المشروط والكامل عن قطاع غزة بما في ذلك تسخير علاقاته الثنائية مع اسرائيل؛
– حث اسرائيل على محاسبة مرتكبي الانتهاكات ضدّ القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، عن طريق فتح تحقيقات في الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي تستوفي المعايير الدولية وملاحقة الجناة وضمان إصلاح الضرر والتعويض عنه؛
– دعم عملية المصالحة بين الفلسطينيين بشكل فعّال من خلال تقديم الدعم السياسي والتقني والمالي واحترام إرادة الشعب الفلسطيني الذي عبّر عنها من خلال انتخابات حرة ونزيهة في ظل حكومة وحدة وطنية للمستقبل تحترم حقوق الشعب الفلسطيني وحرياته.
– حث مصر على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
معلومات إضافيّة حول الوضع في قطاع غزة
أكّدت اللّجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات غير الحكومية الدولية الأخرى على أنّ الحصار على قطاع غزة يمثل شكلاً من أشكال العقاب الجماعي ويعتبر انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي. ويشكّل الحصار جزءًا من سياسة واسعة النطاق تهدف إلى ترسيخ الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية. على مدى سنوات عدّة سعت هذه السياسة إلى تقويض حق الفلسطينيين في تقرير المصير. ويبدو إصرار إسرائيل على حرمان الفلسطينيين من هذا الحق جليًّا في محاولات الحكومة الإسرائيلية الأخيرة لعرقلة عملية المصالحة الداخليّة الفلسطينية، بما في ذلك رفضها مرور الوزراء المحتملين من قطاع غزة إلى الضفة الغربية والإعلان عن احتجاز عائدات ضرائب السلطة الفلسطينية.
تواصل إسرائيل فرض القيود على التنقّل لدرجة تتخطى التدابير الشرعية التي يمكن أن تعتبر مقبولة لتلبية حاجاتها الأمنية. وبهذه الطريقة تتنكّر اسرائيل لحق الفلسطينيين في حياة أسرية والتعليم والصحة وتنتهك موجباتها بتوفير سلامة السكان المحتلّين ورفاهيتهم. منذ العام 2000 فرضت إسرائيل حظرًا شاملًا على الانتقال من غزة إلى الضفة الغربية للراغبين في استقاء التعليم العالي في الجامعات الفلسطينية. وفي الوقت عينه، غالبًا ما يعاني المرضى الذين يلتمسون العلاج الطبي في الضفة الغربية أو في الخارج من تأخيرات مطوّلة عند طلبهم الحصول على تصاريح للخروج عبر معبر إيرز أو الأسوأ من ذلك، تقبض السلطات الإسرائيلية عليهم ويحقّقون معهم. ويعرّض عدم الحصول على الرعاية الطبية اللازمة المرضى لخطر يمكن تفاديه ويقوّض حقهم في الحياة والصحة. وتزيد الطينَ بلّة القيودُ الإضافيةُ التي تفرضها مصر على انتقال المقيمين في قطاع غزة عند معبر رفح وعلى مرور شحنات الإغاثة الإنسانية.
بعد سنوات من القيود المفروضة على الإستيراد والتصدير، دمّر الحصار إقتصاد غزة وبنيتها التحتية الأساسية بينما ارتفعت نسبة السكان الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية إلى نسبة صاعقة ألا وهي 70%. وفي الوقت عينه وصل معدّل البطالة في الربع الأول من العام 2014 إلى نسبة 40.8%. وترتفع هذه الأرقام بشكل خاص في قطاع البناء. في شهر شباط/فبراير من العام 2014، أغلقت نسبة 80% من مصانع غزة أبوابها بشكل مؤقّت نظرًا لاستحالة الوصول إلى المواد الأوّليّة نتيجة للقيود الإسرائيلية الفروضة. ولا تزال عمليات نقل البضائع من غزة إلى الضفة الغربية محظورة في حين يتم تصدير كميّة محدودة جدًّا من السلع إلى أوروبا والخارج. في خلال الأشهر الممتدّة من كانون الثاني/يناير الى نيسان/أبريل خرج ما يعادل 20 شاحنة محملة بالبضائع من غزة كل شهر، أي نسبة 2% من نسبة الشاحنات التي كانت تخرج شهريًّا قبل العام 2007.
بالإضافة إلى ذلك، انتهكت إسرائيل بصورة أكبر مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين في الأزمنة كافة إذ لم تمتنع عن شنّ الهجمات العشوائية ولم تتجنّب استخدام القوّة المفرطة. وأظهرت أرقام مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أنّ 11 مدنيًا فلسطينيًا تعرّض للقتل و152 مدنيًا قد أصيبوا في المناطق المقيّد الوصول إليها في قطاع غزّة برَّا وبحرًا بين 1 كانون الثاني/يناير و26 أيّار/مايو من العام 2014. ومؤخّرًا أطلق الجيش الإسرائيلي النار على ثلاثة أشقاء كانوا يجمعون الحشائش اليابسة في حقل زراعيّ بالقرب من المنطقة العازلة، ما أسفر عن إصابة الصبي البالغ من العمر 16 عامًا إصابة خطيرة. شهد الصيادون الفلسطينيّون أيضًا تصعيد الهجمات الإسرائيلية في المناطق المقيّد الوصول إليها حيث واصلت القوات العسكرية استهدافهم واعتقالهم ومصادرة معداتهم وبالتالي حرمانهم من حقهم في تأمين لقمة العيش والتمتع بمستوى معيشي لائق.
وتفلت إسرائيل من العقاب تمامًا عند شنّ هذه الهجمات التي باتت تشكّل جزءًا من توجّه واسع لعدم الامتثال للقانون الدولي. وبعد مرور ست سنوات على عملية “الرصاص المصبوب” وعامين على عملية “عامود السحاب”، فشلت إسرائيل في التحقيق بشكل ملائم أو ملاحقة أي انتهاكات لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي تقترفها قواتها العسكرية. وبعد أحد عشر عامًا على مقتل ناشطة السلام الأمريكية راشيل كوري، لم يتم حتى الآن إحالة الجناة إلى العدالة. وفي الوقت عينه لا يزال الضحايا الفلسطينيّون محرومين من الوصول إلى المحاكم الإسرائيلية ومن التعويض الفعّال وذلك بسبب الحواجز القانونية والإدارية والمالية والمادية التي تفرضها اسرائيل.