رسالة إلى نواب الشعب بشأن مشروع القانون الأساسي عدد 22/2015 المتعلِّق بمكافحة الإرهاب وبمنع غسل الأموال

السيدات والسادة النواب المحترمون،

إن منظماتنا لا تنوي بأي شكل من الأشكال التقليل من أهمية الاستجابة بقوة للقضايا الأمنية وردع الأعمال الإرهابية الآخذة في التزايد بعدة بلدان عبر العالم، سواء في الشمال أو في الجنوب. ومع ذلك، فإن الخطابات الرسمية والسياسات العامة التي تضع المسألة الأمنية في موضع متناقض مع احترام حقوق الإنسان لا تتناسب مع الهدف المتمثل في حماية المواطنين وعناصر القوات المسلحة.

لقد أدى تصاعد وتيرة التهديد الإرهابي إلى اعتماد أو تشديد العديد من القوانين المتعلقة بهذه القضية في كثير من البلدان. فغالباً ما تُناقَش تلك النصوص التشريعية وتُعتمَد في مناخ يحكمه الخوف ويطغى عليه الغضب بعد صدمة الرأي العام بعمل إرهابي، مما يجعلها تنطوي في الغالب على أحكام تنتهك الحقوق والحريات المدنية والفردية.

وبينما لا يزال مشروع القانون الأساسي المتعلّق بمكافحة الإرهاب وبمنع غسل الأموال قيد النظر في مجلس نواب الشعب، نود أن نلفت انتباهكم إلى بعض مواده التي تتعارض مع المعايير الدولية لحماية حقوق الإنسان. فهناك إجماع بين السلطات العامة والمجتمع المدني على أن القانون المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال (عدد 75 لسنة 2003 المؤرخ في 10 ديسمبر\كانون الأول 2003) يحمل في طياته أحكاماً عديدة تنتهك القواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وعلى هذا الأساس، فإنه من الواجب مراعاة ذلك في مشروع القانون الجديد المطروح للمناقشة حالياً، في سبيل تجنب تكرار نفس العواقب الوخيمة التي ترتبت عن ذلك القانون المذكور.

إن ملاحظاتنا تهدف بالتالي إلى ضمان احترام أحكام القانون لمبادئ دولة الحق القانون والمكتسبات الدستورية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

أولاً. إعطاء تعريفات أكثر دقة بما يتماشى مع المعايير الدولية (الفصول 13، 5 و30)

من شأن تعريفات فضفاضة وغير دقيقة للإرهاب أو لبعض التُهم مثل تمجيد الإرهاب أن تؤدي إلى ملاحقات لا تندرج ضمن نطاق مكافحة الإرهاب وكذلك إلى التضييق على بعض الحقوق أو الحريات الأساسية مثل حرية التعبير أو الحق في التظاهر.

إعطاء تعريف أفضل لمفهوم الإرهاب (الفصل 13)

في النص المقترح، يبقى الفصل 13 فضفاضاً للغاية مما يستوجب تحديد محتوياته بشكل أفضل لضمان توافق جميع الأعمال الإجرامية المذكورة في القانون مع التعاريف الواردة في الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المتعلقة بالإرهاب، والتي صادقت عليها الجمهورية التونسية. ولذلك فمن المهم الاستلهام من التعريف الذي اقترحه المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب[1] (والذي يشار إليه فيما يلي باسم المقرر الخاص).

توصية

إعادة صياغة تعريف الإرهاب حتى يتضمن المعايير التراكمية الثلاثة التالية:

العمل الإرهابي:

1) يجب أن يشكل جريمة من الجرائم الخطيرة مثل احتجاز الرهائن عمداً أو استخدام وسائل مميتة أو أعمال عنف خطيرة ضد عامة السكان أو فئات منهم؛

2) وأن يكون بغرض إشاعة حالة من الرعب بين السكان أو مجموعة معينة أو لإرغام حكومة أو منظمة دولية على القيام بعمل ما أو عدم القيام به؛

3) وبدافع إحراز تقدم في أهداف سياسية أو أيديولوجية كامنة.

توصية

يُعرِّف الفصل 13 في نقطته السادسة الجرائم الإرهابية بكونها أفعالاً تهدف – من بين أمور أخرى – إلى “الإضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة أو بالموارد الحيوية أو بالبنية الأساسية أو بوسائل النقل أو الاتصالات أو بالمنظومات المعلوماتية أو بالمرافق العمومية”. بيد أن مثل هذا التعريف من شأنه أن يشكل سنداً لقمع بعض الأفعال التي ليس لها أي طابع إرهابي في واقع الأمر، وهو ما قد يتيح المجال لوصف المظاهرات السلمية التي تتخللها بعض الاضطرابات بالأعمال الإرهابية. وما يبعث على القلق أكثر هو عدم إشارة الفصل 13 إلى اقتران الجريمة الأساسية بنية القتل أو إلحاق إصابات جسمانية خطيرة أو احتجاز رهائن، أو غيرها، كما هو منصوص عليه في التعريفات الدولية للإرهاب. وعلى هذا الأساس، وبالنظر إلى إعطاء هذا القانون تعريفات محددة لكل جريمة من الجرائم الإرهابية، فإننا نوصي بحذف تلك النقطة السادسة من الفصل 13.

ربط الجرائم الإرهابية المحددة في الفصول 14-28 بالتعريف العام للإرهاب.

بموجب أحكام مشروع القانون، يُعد مرتكباً لجريمة إرهابية كل من اقترف اعتداء بالعنف على طائرة مدنية أو ارتكب جرائم متعلقة بالملاحة البحرية وتدمير المنصات الثابتة القائمة في الجرف القاري أو إلحاق أضرار بها، ونقل الأسلحة وغيرها من المواد الخطرة على متن سفينة مدنية والاعتداء بالعنف على شخص يتمتع بالحماية الدولية ومن خلال احتجاز الرهائن. وعلى هذا الأساس، يمكن أن يعاقب بالسجن لمدة تصل إلى عشرين عاماً لتعريض سلامة مطار للخطر بسبب “الاعتداء بالعنف الشديد على شخص”. فالصيغة الحالية لمشروع القانون لا تربط الجرائم المذكورة بالتعريف العام للإرهاب الوارد في الفصل 13، حيث يشار إليها على نحو يوحي بأنها جرائم منفصلة، ​​مما قد يترتب عنه مفهوم فضفاض للإرهاب من شأنه يمتد ليشمل أعمالاً إجرامية متنوعة.

توصية

ضرورة الإشارة بشكل إلى أن الجرائم المنصوص عليها في الفصول 14 إلى 28 لا تندرج ضمن الجرائم الإرهابية إلا عندما تستوفي الشروط العامة الواردة في الفصل 13 من مشروع القانون.

توضيح مفهوم التحريض على الإرهاب (الفصل 5)

بالنسبة للجزء المتعلق بالتحريض على الإرهاب، من الضروري استحضار المعايير الدولية لحرية التعبير مثل ملخص المبدأ 6 من مبادئ جوهانسبرغ[2]:

“لا يمكن أن يعاقَب على التعبير باعتباره تهديداً للأمن القومي ما لم تستطع الحكومة إثبات أن:

(1) المقصود من التعبير هو التحريض على العنف بشكل وشيك.

(2) بإمكانه التحريض على ذلك العنف؛ و

(3) هناك علاقة مباشرة وآنية بين التعبير واحتمال وقوع مثل هذا العنف”.

وفي هذا الصدد، يمثل نموذج جريمة التحريض على الإرهاب الذي اقترحه المقرر الخاص (A/HRC/16/51) مصدر إلهام في سبيل مراجعة مشروع القانون: “يعتبر جريمةً توزيعُ أي رسالة إلى الجمهور بشكل متعمد وغير قانوني أو توجيـه أي رسالة للجمهور بأي طريقة أخرى، بقصد التحريض على ارتكاب جريمة إرهابيـة، حيـث يتسبب هذا السلوك، سواء دعا بطريقة صريحة أو غير صريحة إلى ارتكاب جرائم إرهابية، في نشوء خطر ارتكاب جريمة أو أكثر”.

لا يشير التعريف الوارد في الفصل 5 إلى القصد الجنائي المحدد للتحريض على ارتكاب جريمة ولا إلى ضرورة حصر الجريمة في الحالات التي يُفترض فيها وجود اتصال مباشر وفوري بين التعبير وأعمال العنف أو العنف المحتمل.

توصية

نقترح أن يتضمن الفصل 5 إشارة إلى الطابع المتعمد والعام لجريمة التحريض على ارتكاب عمل إرهابي، مع إضافة أن هذا الفعل من شأنه أن يتسبب بشكل فوري ومباشر في ارتكاب مثل هذه الجريمة.

توضيح مفهوم تمجيد الإرهاب (الفصل 30)

بسبب صياغته الغامضة وغير الدقيقة، يثير الفصل 30 بعض المخاوف المتعلقة بمجال حرية التعبير كما يمهد الطريق لإمكانية ارتكاب تجاوزات تعسفية. فكل من أدلى بتعليقات بسيطة ترتبط بمسألة الإرهاب، سواء من قريب أو من بعيد، قد يجد نفسه متهماً بارتكاب هذه الجريمة. وما يبعث على القلق أكثر هو عدم التنصيص في هذا الفصل على ضرورة وجود صلة مباشرة بين التصريحات المعبر عنها واحتمال وقوع العمل الإرهابي.

. توصية:

لإدراج تمجيد الإرهاب في إطار أشكال التحريض غير المباشر على الجرائم الإرهابية، نوصي بإضافة المعايير التي أشار إليها المقرر الخاص إلى جانب تلك المنصوص عليها في مبادئ جوهانسبرغ المذكورة أعلاه (المبدأ 6 بشأن التعبير الذي يمكن أن يهدد الأمن القومي).

. توصية:

يجب أن يشير الفصل 30 بوضوح إلى ضرورة وجود علاقة سببية بين التمجيد (أو الإشادة) والتهديد الحقيقي أو احتمال أن يؤدي هذا الفعل إلى ارتكاب عمل عنيف أو عمل إرهابي.

ثانياً. إلغاء عقوبة الإعدام (الفصول 5، 9، 13، 14، 15، 16، 17، 18،19، 20، 21، 22، 23، 24، 25، 26، 27 و28)

تُعد تونس من بين الدول التي ألغت عقوبة الإعدام منذ عام 1991 وقد صوتت كل عام منذ 2011 لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعي إلى وقف تطبيق عقوبة الإعدام. بيد أن إدراج هذه العقوبة اللاإنسانية في هذا القانون يمثل تراجعاً على صعيد التزامات تونس الدولية كما يتعارض مع الدينامية الدولية السائرة بوتيرة متنامية نحو إلغاء عقوبة الإعدام.

. توصية:

إلغاء عقوبة الإعدام بالنسبة لجميع الجرائم، بما في ذلك تلك المتعلقة بالإرهاب.

ثالثاً. الحيلولة دون وقوع انتهاكات أثناء فترة الحراسة النظرية وضمان الحق في محاكمة عادلة (الفصول 38، 40، 68، 70 و35)

يتضمن مشروع القانون عدة أحكام تتعارض مع الدستور التونسي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. فبينما ينص الفصل 27 من دستور الجمهورية على أن “المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته في محاكمة عادلة تُكفل له فيها جميع ضمانات الدفاع في أطوار التتبع والمحاكمة”، يؤكد الفصل 29 على حق المحتجز في أن “يُعلم فوراً بحقوقه وبالتهمة المنسوبة إليه، وله أن ينيب محامياً”.

الحد من مخاطر وقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أثناء فترة الحراسة النظرية (الفصلان 38 و40)

في غياب بعض الضمانات، قد يتعرض المتهمون لانتهاكات جسيمة أثناء فترة الحجز رهن الحراسة النظرية، وعلى وجه التحديد سوء المعاملة والتعذيب، وهي الانتهاكات التي ميزت فترة النظام المخلوع ومازالت متواصلة في الوقت الراهن للأسف الشديد. وفي هذا السياق، فإن الفصلين 38 و40 من مشروع القانون لا يوفران الضمانات اللازمة لإحداث قطيعة مع مخلفات ذلك العهد البائد، وخاصة في ظل عدم إصلاح مجلة الإجراءات الجزائية من خلال إدخال الحق في الاستعانة بمحام منذ الساعات الأولى من فترة الاحتجاز. فالفصلان المذكوران يشيران إلى الحجز رهن الحراسة النظرية في مدة تصل إلى 15 يوماً دون الحق في إنابة محامٍ، مما يزيد من احتمالية حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان.

. توصية:

ضمان الحق في إنابة محام للدفاع منذ بداية فترة الاحتجاز في جميع الحالات والحرص على إحالة جميع المشتبه فيهم إلى القاضي على الفور، أي في غضون 48 ساعة على العموم. وأي تمديد لفترة الحراسة النظرية يجب أن يكون استثنائياً ومبرراً بدوافع جدِّية وصادر عن سلطة قضائية مستقلة بعد التحقق من ظروف الاحتجاز.

الحد من الجلسات المغلقة والشهود السريين (الفصلان 68 و70)

يتيح الفصل 68 من مشروع القانون لقاضي التحقيق ورئيس المحكمة عقد المحاكمات في جلسات مغلقة. ومن جهته، يجيز الفصل 70 – عندما تقتضي الضرورة – “تضمين جميع المعطيات التي من شأنها الكشف عن هوية المتضرر والشهود وكل من تكفل بأي وجه من الأوجه بواجب إشعار السلط ذات النظر بالجريمة بمحاضر مستقلة تحفظ بملف منفصل عن الملف الأصلي”، دون أن يطَّلع عليها المتهم ولا محاميه.

بيد أن الجلسة العلنية تُعد من المتطلبات الأساسية للمحاكمة العادلة المحددة بموجب المعايير الدولية. أما الجلسات المغلقة فيجب أن تظل إجراءً استثنائياً فقط وفي إطار محدد بوضوح ولفترة محدودة خلال المحاكمة. والأمر نفسه ينطبق على الشهود السريين، الذين لا يمكن اللجوء إليهم إلا في سياق استثنائي ودون أن يشكل ذلك عائقاً أمام حقوق الدفاع.

. توصية:

تعديل الفصل 68 بحيث ينص على أن جلسات الاستماع للمتهمين يجب أن تكون علنية وأن القاضي لا يحق له إصدار أمر بعقد جلسة مغلقة إلا في ظروف استثنائية مبرَّرة بضرورة حماية إجراءات المحاكمة والضحايا والشهود وبشرط أن يشكل عقد جلسة علنية خطراً حقيقياً على مختلف الأطراف. ولضمان المحاكمة العادلة، فإن أي تقييد للحق في محاكمة علنية لأسباب تتعلق بالأمن القومي يجب أن يكون مصحوباً بالآليات المناسبة لمراقبة جلسات الاستماع ورصد الإجراءات القضائية.

. توصية:

تعديل الفصلين 68 و70 بما يضمن عدم استخدام المعلومات التي يقدمها الشهود السريون كدلائل خلال المحاكمة إلا في ظروف استثنائية وبعد استيفاء شروط صارمة لاحترام حقوق الدفاع وضمان محاكمة عادلة. ولا يمكن في أي حال من الأحوال أن تُمثل تلك المعطيات الأساس القانوني الوحيد لإصدار الحكم.

رابعاً. تحديد إطار أفضل لعمليات المراقبة الأمنية وحماية السر المهني (الفصول 35، 36، 52، 59 و60) 

حماية السر المهني (الفصلان 35 و36)

يجرم الفصلان 35 و36 حجب المعلومات المتعلقة بارتكاب جريمة إرهابية، حيث تنطبق تلك الأحكام على بعض الفئات المهنية بشكل خاص، مثل الصحفيين والمحامين والعاملين في المجال الصحي. وقد يشكل ذلك على وجه الخصوص عائقاً أمام ممارسة حرية الإعلام من خلال تجاهل متطلبات حرية الصحافة، ولا سيما حق الصحفيين في الحفاظ على سرية مصادرهم.

. توصية:

حذف عبارة “ولو كان خاضعاً للسر المهني” من الفقرة 1 من الفصل 35.

. توصية:

تعديل الفقرة 3 من الفصل 35 بإضافة الصحفيين إلى قائمة الاستثناءات بخصوص الأسرار التي يطلعون عليها أثناء مباشرتهم لمهامهم أو بمناسبتها.

. توصية

مراجعة الفصلين 35 و36 وتعديل صياغتهما بما يضمن حرية الصحافة وحق الصحفيين في حماية المصادر. وعلى وجه الخصوص، من المهم الإشارة إلى أن القاضي هو الوحيد الذي يحق له الأمر برفع السرية عن المصادر، وذلك في ظروف استثنائية، عندما لا توجد أي وسيلة أخرى لحماية مصلحة عامة طاغية.

الحفاظ على الحق في المناقشة العامة (الفصل 60)

يقضي الفصل 60 بمعاقبة “الأشخاص الذين يفشون عمداً إحدى المعلومات المتعلقة بعمليات الاعتراض أو الاختراق أو المراقبة السمعية البصرية أو المعطيات المجمعة منها”، مما قد يحول دون قيام الصحفيين بجمع ونشر معلومات متعلقة بموضوع يستأثر باهتمام الرأي العام، بما في ذلك المعطيات حول مدى احترام أفراد الشرطة للحقوق الأساسية. وبالإضافة إلى ذلك، يحمل هذا الفصل في طياته ردعاً للمخبرين المحتملين الذين من شأنهم تزويد الصحفيين بمعلومات أو نشرها بأنفسهم. وفي هذا السياق، ينص المبدأ السابع من مبادئ جوهانسبرغ على أن المعلومات التي “تهدف إلى الإبلاغ عن انتهاكات مزعومة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي” لا يمكن إدراجها في إطار تهديد الأمن القومي.

. توصية:

مراجعة الفصل 60 وتعديل صياغته بما يضمن حماية الصحفيين والحق في سرية المصادر وحقوق المخبرين، تماشياً مع مقتضيات المعايير الدولية لحرية التعبير.

حماية الخصوصية (الفصلان 52 و59)

يُجيز الفصلان 52 و59 “اللجوء إلى اعتراض اتصالات ذوي الشبهة بمقتضى قرار كتابي معلل من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق”. من خلال إتاحة إمكانية التنصت على أي شخص مشتبه فيه بناءً على أمر من قاضي التحقيق أو النيابة العامة، وذلك باللجوء إلى الوكالة الفنية للاتصالات، يمثل هذان الفصلان تهديداً لخصوصية المواطنين وانتهاكاً للحق في حماية المصادر، حيث تفتح تلك الأحكام الباب على مصراعيه للقيام بتجسس اجتياحي على المجتمع بأسره. وفي هذا الصدد، فإن الحق في احترام الخصوصيات مكفول بموجب أحكام المادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما أن هناك إجماعاً على الصلة القوية بين احترام الحق في الخصوصية والحق في حرية التعبير: ذلك أن تهديد حق الخصوصية يحمل في طياته تأثيراً سلبياً يقوض حرية التعبير ويحد من قدرة وسائل الإعلام على الاضطلاع بدورها في مجتمع ديمقراطي.

. توصية

الإشارة بوضوح إلى أن إجراءات التحقيق الأكثر تدخلاً في الخصوصية مثل “التسجيل” و”المراقبة” لا يمكن أن تُجرى إلا بأمر قضائي وفي ظروف استثنائية، مع إرفاق عبارة “تقتضيها ضرورة البحث” بدوافع مقيدة لحالات اللجوء لهذه الأشكال مثل تحقيق هدف التصدي لمشروع إجرامي قيد التنفيذ أو كشف أشخاص متورطين في أعمال إرهابية.

خامساً. عدم طرد الرعايا الأجانب في حال خطر التعرض لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان (الفصلان 12 و83)

يقضي الفصل 12 “بطرد الأجنبي المحكوم عليه من أجل جرائم إرهابية من التراب التونسي بعد قضائه للعقاب”، ولكن دون الأخذ بعين الاعتبار مبدأ عدم الإعادة القسرية.

من جهته، ينص الفصل 83 على عدم تسليم الرعايا الأجانب “إذا توفرت أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن الشخص موضوع طلب التسليم سيكون في خطر التعرض للتعذيب أو أن طلب التسليم يرمي إلى تتبع أو عقاب شخص بسبب عنصره أو لونه أو أصله أو دينه أو جنسه أو جنسيته أو آرائه السياسية”. بيد أن هذا الفصل لا يشير في الواقع سوى لبعض ضمانات احترام مبدأ عدم الإعادة القسرية، ولكنه لا ينص على تلك الضمانات إلا في حالات التسليم للمحاكمة أو لتنفيذ عقوبة السجن، دون الأخذ في الاعتبار ترحيل الرعايا الأجانب المدانين بجرائم إرهابية والذين قضوا مدة عقوبتهم في تونس.

توصية

تعديل الفصل 12 للإشارة بشكل صريح إلى حظر طرد الرعايا الأجانب إذا توفرت أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن الشخص المطرود قد يتعرض لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة، أو قد يخضع لمحاكمة مبنية على اعترافات أو أدلة تحت وطأة التعذيب أو غيره من أشكال إساءة المعاملة، أو قد يتعرض للاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري أو الحرمان التعسفي من الحياة أو عقوبة الإعدام.

تعديل الفصل 83 بحيث يشمل أيضاً خطر وقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. فبالإضافة إلى التعذيب، من المهم الإشارة إلى خطر التعرض للمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة والخضوع لمحاكمة مبنية على اعترافات أو أدلة تحت وطأة التعذيب أو غيره من أشكال إساءة المعاملة، أو التعرض للاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري أو الحرمان التعسفي من الحياة أو عقوبة الإعدام كأسباب لعدم التسليم.

السيدات والسادة النواب المحترمون،

وإذ نشكركم على حسن اهتمامكم بتوصياتنا هذه، نرجو أن تتقبلوا منا أسمى عبارات الاحترام والتقدير

قائمة المنظمات الموقعة:

منظمة العفو الدولية

منظمة المادة 19

محامون بلا حدود

مركز كارتر

الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان

هيومان رايتس ووتش

المنظمة الدولية ضد التعذيب

الشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الإنسان

مراسلون بلا حدود

لمزيد من المعلومات، يمكنكم الرجوع إلى التعليقات على مشروع القانون الأساسي عدد 22/2015 المتعلِّق بمكافحة الإرهاب وبمنع غسل الأموال والتحليلات المنفصلة المنجزة من قبل: 

l’OMCT :

http://www.omct-tunisie.org/wp-content/uploads/2015/07/Commentaire-projet-de-loi-contre-terrorisme_Version-rectifi%C3%A9e-avec-notice_201506_fr.pdf

ARTICLE 19

https://www.article19.org/data/files/medialibrary/37930/Anti-terrorism-Analysis-AR-version.pdf

https://www.article19.org/data/files/medialibrary/37930/Tunisia-Anti-terrorism-Analysis-EN-version-2.pdf

HRW

https://www.hrw.org/sites/default/files/related_material/memo.2015.04.08.Tunisia%20Counterterrorism%20Law.eng_.pdf

Arabe https://www.hrw.org/sites/default/files/related_material/memo.2015.04.08.Tunisia%20Counterterrorism%20Law.ar__0.pdf

[1] A/HJRC/16/51 – http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G10/179/34/PDF/G1017934.pdf?OpenElement

[2] مبادئ جوهانسبرغ بشأن الأمن القومي وحرية التعبير والوصول إلى المعلومات التي اعتمدها اجتماع لفريق الخبراء في جنوب أفريقيا بتاريخ 1 أكتوبر/تشرين الأول 1995، والتي أقرتها اللجنة العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة: http://www.article19.org/data/files/medialibrary/1803/Johannesburg-Principles.Fra.pdf