في غرة نوفمبر الماضي، وبمناسبة عيد الثورة، توجه الجزائريون إلى مراكز الإقتراع للتصويت على مشروع تنقيح الدستور الواعد بجزائر جديدة. بعد مقاطعة الإنتخابات الرئاسية التي إنتظمت في شهر ديسمبر من سنة 2019 شهد هذا الإستفتاء، الذي إعتبره العديد من الخبراء إستفتاءًا قيصريا، مستوى مشاركة ضعيفا جدا إذ لم تتجاوز نسبة المشاركين 23.7 في المائة أي أقل من 5.5 مليون ناخب من أصل 23.5 ناخب مسجّل.
يعكس ضعف المشاركة مرة أخرى حذر الشعب من السلطات وعجز هذه الأخيرة عن إرساء حوار بنّاء مع المواطنين والمجتمع المدني.
وبغض النظر عن مستوى المشاركة الضعيف، تعدّ إضافات هذا الدستور في مجال الحريات والحقوق الأساسية هزيلة. على سبيل المثال، ورغم أن النص يحرر الصحافة من القيود والرقابة المسبقة (الفصل 54) فإنه يشترط أن تحترم هذه الحرية القيم “الدينية والأخلاقية والثقافية للأمة”.
يكرس الدستور الجديد حرية التعبير ولكنه يضبطها بالإطار التشريعي الوطني. يسمح هذا الإطار بالمحافظة على قوانين زجرية مثل التحويرات المضافة إلى قانون العقوبات في شهر أفريل 2020 المجرّم لنشر المعلومات المغلوطة ويحدد لها عقوبة سجنية تصل إلى ثلاث سنوات سجنا.
من جانب آخر، يضمن الفصل 52 الحق في التجمع السلمي. ولكن نفس الفصل ينصّ على أن يحدد القانون طرق ممارسة هذا الحق. ومع ذلك، فإن القانون نفسه يعاقب بعقوبات شديدة على “التجمعات غير المسلحة”، وهو حكم جنائي يستخدم غالبًا في سجن ومحاكمة المعارضين غير العنيفين.
وبعيدًا عن القضايا القانونية ، يشير العديد من مراقبي ونشطاء الحراك إلى أن هذا الاستفتاء كان محاولة من الحكومة لتقويض مطالب الحراك الذي بدأ في فبراير 2019، والذي يطالب بتغيير جذري في “النظام” القائم منذ الاستقلال في عام 1962. وقد فقدت عملية إصلاح الدستور مصداقيتها في المنبع بسبب الاعتقالات الجماعية لنشطاء المعارضة (بما في ذلك ممثلي حركة الاحتجاج) والمضايقة القضائية لأولئك الذين تم سجنهم أو إدانتهم لمجرد ممارسة حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي.