تعرب الشبكة الأوروبية-المتوسّطية لحقوق الإنسان عن ارتياعها من تزايد استخدام القضاء المصري وسيلةً لإسكات المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
فقد أصدرت دائرة خاصة في محكمة الجنايات البارحة حكمًا غيابيًا بحق الناشط المصري البارز في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان علاء عبد الفتّاح بالإضافة إلى 24 شخصًا (بتهمة انتهاك قانون التظاهر المصري المثير للجدل) قضى بسجنه 15 عامًا، تليها خمسة أعوام من خضوعه لمراقبة الشرطة وبغرامة قدرها 100 ألف جنيه مصري لكلٍ منهم (ما يعادل 10327 يورو).
وقد عُقدت الجلسة في وقت أبكر من المتوقّع ما منع السيد عبد الفتّاح والمتهمين الآخرين من حضورها، ولم يُقدَّم في خلالها أي إثبات كما لم يتمّ استدعاءُ أي شاهد. بالإضافة إلى ما سبق، فقد أُقفلت أبواب المحكمة في وجه الحضور والصحافيين ومحامٍ معني بشؤون حقوق الإنسان وكَّلته الشبكة الأوروبية-المتوسّطية لحقوق الإنسان. وفي خطوة تدلّ على كنهها، أصدرت المحاكمة المعجّلة أحكامًا متشابهة بحقّ المتهمين الخمسة والعشرين على الرغم من اختلاف الاتهامات الموجّهة ضدّهم، مع العلم أن هذا الحكم لا يخضع، للأسف، لحق الاستئناف الذي كفله الدستور الجديد.
ترأس جلسة الاستماع القاضي محمّد الفقي، الذي سبق للسيد عبد الفتّاح أن طعن في حياده في خلال جلسة استماع سابقة. كما كان السيد عبد الفتاح قد طلب من القاضي الفقي التنحّي عن القضية بسبب العداوة بينهما ومردّها الشكوى التي قدّمها السيد عبد الفتّاح ضد القاضي الفقي لمزاعم متعلقة بالتزوير في انتخابات العام 2005. ولكنّ المحكمة ردّت طلبه متجاهلة مبدأ أساسيًا ألا وهو عدم تحيّز القضاء.
خلافًا للمعايير الدولية، يحدّ تنفيذ قانون التظاهر- الذي حُكم على المتهمين بموجبه- من الحق في التجمّع السلمي. وقد أطلق هذا القانون منذ اعتماده موجة من الإجراءات القضائية ذات الخلفية السياسية، التي أباحت تحميل المسؤولية المشتركة وإنزال العقاب غير المتكافئ. وما الحكم على السيد عبد الفتّاح وغيره من المتهمين إلا دليلًا واضحًا على الممارسات هذه التي تُنزل الأحكام الجائرة على الانتهاكات البسيطة.
ويبرهن الحكم الذي صدر أمس عن فشل القضاء المصري في اثبات استقلاليته وإنّما أيضًا فشله الذريع في إرساء ثقافة المحاكمة العادلة واحترام حقوق الإنسان. أمّا النتيجة، فلا تقتصر على الصعيد الشخصي في مأساة المحكومين وعائلاتهم بل تمتدّ لتوجّه ضربةً قويةً للديمقراطية الحقّة في مصر.