مع مسارعة إسرائيل إلى إقرار قانون جديد يسمح بالإطعام القسري للأسرى المضربين عن الطعام، لا بدّ للاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي أن ينددا بالقانون المقترح ويحثّا إسرائيل على وقف العمل بالاعتقال الإداري.
منذ الرابع والعشرين من نيسان/ أبريل 2014، يواصل أكثر من 125 أسيرًا ومعتقلًا فلسطينيًا إضرابهم عن الطعام احتجاجًا على مضيّ إسرائيل في سياسة الاعتقال الإداري. ومع دخول الإضراب يومه السابع والخمسين توجّه المنظمات الدولية الموقّعة أدناه نداءً إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء لإدانة لجوء إسرائيل الممنهج إلى الاعتقال الإداري، وللتنديد بالإجراءات العقابية التي تلجأ إليها مصلحة السجون الإسرائيلية لقمع هذا الشكل القانوني من أشكال الاحتجاج. وتتضمّن هذه الإجراءات العقابية – على سبيل المثال لا الحصر– عزل المُضربين عن الطعام وحرمانهم من زيارات المحامين أو عرقلتها، حرمانهم الزيارات العائلية، وتنفيذ مداهمات عنيفة في زنازينهم، وحرمانهم العلاج الطبي بالإضافة إلى حرمانهم سابقًا من الملح.
تخوّل سياسة الاعتقال الإداري إسرائيل اعتقال الأشخاص من دون تهمة أو محاكمة لفترات تتراوح ما بين شهر وستة أشهر يمكن تجديدها مرّات لا متناهية. ومع أن معاهدة جنيف الرابعة تسمح بالاعتقال الإداري، يفرض القانون الدولي قيودًا صارمةً[i] على تنفيذه. ولكن إسرائيل تستمرّ، للأسف، في تجاهل هذه المعايير، مستخدمةً الاعتقال الإداري في انتهاك فاضح لحقوق السجناء الإنسانية، وخصوصًا المادتين 7[ii] و[iii]9 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمادة 78 من معاهدة جنيف الرابعة المعنية بحق الاستئناف. وفي هذا الخصوص، أعاد كلّ من أمين عام الأمم المتحدة السيد بان كي مون والمفوّض السامي لحقوق الإنسان السيد نافي بيلاي التأكيد على موقفهما الثابت الداعي إلى محاكمة المعتقلين الإداريين أو إطلاق سراحهم.
بموجب القانون الإسرائيلي، من الممكن إصدار أمر الاعتقال الإداري لأسباب أمنية مبهمة وهو ما تنفّذه إسرائيل بسريّة تامّة تحرم الأسرى من فرصة الحصول على دفاع مناسب. وبذلك، فهو غالبًا ما يستخدم لتشتيت حركات الاحتجاج السياسي السلمية ضدّ الاحتلال. ومن البراهين على ذلك استهداف إسرائيل المستمرّ لأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني الذي يشارك سبعة منهم حاليًا في الإضراب عن الطعام، علمًا أن عددًا منهم يتعرّض للاعتقال بشكل متقطّع، منذ العام 2002.
ويأتي هذا الإضراب على خلفية توسّع حالة تبدد الأوهام الناتج عن عدم التزام إسرائيل بتطبيق اتفاقية الرابع عشر من أيار\مايو 2012 بين مصلحة السجون الإسرائيلية وممثّلي الأسرى التي تمّ التوصّل إليها عقب الإضراب عن الطعام الذي دام ستة أسابيع. وبحسب التقارير الصحفية، تضمّن الاتفاق “تعهّدًا قطعته مصلحة السجون الإسرائيلية وغيرها من قوى الأمن بإعادة النظر بكلّ قضيّة على حدة” . وقد أدّى الإضراب إلى انخفاض عدد المعتقلين الإداريين في الأشهر اللاحقة. إلا أن هذا العدد عاد ليرتفع باضطراد مع إعادة العديد من السجناء المطلق سراحهم إلى الاعتقال الإداري.
وقد باشرت الحكومة الإسرائيلية النظر في تشريع جديد يسمح بالإطعام القسري للمضربين عن الطعام. يهدف هذا القانون الذي قطع مرحلة القراءة الأولى في الكنيست الإسرائيلي صراحةً إلى كسر الإضراب وتقليل الأثر السياسي الذي يسببه المضربون عن الطعام، ويهدد بتجريد الأسرى من حقوقهم الأساسية. وسوف تتبع القراءتان الثانية والثالثة إجراءات سريعة يمكن إنهاؤها باكرًا، لا بل الأسبوع المقبل.
ويعتبر الإطعام القسري شكلًا من أشكال التعذيب بحسب إعلان مالطا الصادر عن الجمعية الطبية العالمية وقد أدانه المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وجهات أخرى في الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وعلى نحو مشابه، أدانت الجمعية الطبية الإسرائيلية مشروع القانون وكررت معارضتها مشاركة الأطبّاء في الإطعام القسري. وقد ذكر تقرير الأمم المتحدة لعام 2006 حول وضع المعتقلين في سجن غوانتانامو، يعدّ الإطعام القسري للمعتقلين المعنيين انتهاكًا لحقّهم في الصحّة.
إنّ استمرار إسرائيل في تطبيق سياسة الاعتقال الإداري والإجراءات العقابية الهادفة إلى خنق مقاومة هذه السياسة إنّما تشكّل انتهاكًا صارخًا للحقوق الأساسية للأسرى كما كرّسها القانون الدولي. لقد حان الوقت لوقف لهذه الممارسات.
وعلى ضوء ما سبق، توجّه المنظمات الدولية الموقّعة أدناه نداءً إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء ل:
– حثّ إسرائيل على إخلاء سبيل كافة المعتقلين الإداريين أو محاكمتهم بما يتوافق مع أصول المحاكمات المتّبعة والمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
– التعبير صراحة وعلنًا عن القلق من ظروف المضربين عن الطعام وإدانة الإجراءات العقابية المطبّقة ضدّهم لقمع هذا الشكل القانوني من أشكال الاحتجاج.
– التنديد العلني بقانون السماح بالإطعام القسري المقترح للمضربين عن الطعام، الذي يعدّ شكلا من أشكال التعذيب وحثّ إسرائيل على سحب مشروع القانون.
الشبكة الأوروبية-المتوسّطية لحقوق الإنسان: شبكة تضمّ 80 منظمة حقوقية من 30 دولةً. وتكمن مهمّتها في تعزيز حقوق الإنسان والإصلاح الديمقراطي وتقويتهما ضمن أطر العلاقات الأوروبية-المتوسّطية وسياسة الجوار الأوروبية وغيرها من أطر التعاون الالأوروبية-العربية.
الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: منظمة دولية غير حكومية مؤلّفة من 178 منظمة من حول العالم. تتبنّى الدفاع عن الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كافة المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وهي تعمل في الحقلين القانوني والسياسي لاستحداث المواثيق الدولية لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها ووضعها موضع التنفيذ.
منصّة المنظمات غير الحكومية الفرنسية من أجل فلسطين: هي منصّة تجمع 44 جمعية، 30 جمعية عضو و14 جمعية مراقِبة. تهدف المنصة إلى حشد المجتمع الدولي للاعتراف بحقوق الفلسطينيين بما فيه الاعتراف بالدولة الفلسطينية ذات السيادة ضمن حدود العام 1967.
[ii] تنصّ المادة 7 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على التالي: “لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة”. وكذلك ”لا يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاه الحر.”
[iii] تنصّ المادة 9 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية: “لا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا.”