قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يجب على حكام مصر العسكريين حمايةُ المتظاهرين وصون حق التجمع بشكل سلمي. يأتي ذلك قبل احتجاجات مزمع القيام بها في أنحاء البلاد بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للثورة التي أنهت حكم الرئيس حسني مبارك.
وقال وزير الداخلية المصري في مؤتمر صحفي الاثنين إنه لن يكون هناك تواجد أمني قرب ميدان التحرير وغيره من الأماكن حيث من المخطط أن تخرج مظاهرات لإحياء ذكرى “ثورة 25 يناير” اليوم الأربعاء. وقد أضافت بعض وسائل الإعلام أن قوات الأمن مستعدة لاستخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين في حال تعرض المؤسسات والمرافق العامة للاعتداء.
وقالت حسيبة حاج صحراوي مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقية في منظمة العفو الدولية:” بدلاً من ترك المواقع التي ستخرج فيها مظاهرات كما هو مخطط فإنه يجب على قوات الأمن أن تتصرف على نحو مسؤول بأن تضمن أن يتمكن الجميع من أن يمارسوا بأمان حقهم في التعبير والتجمع بشكل سلمي.”
وأضافت:” في خضم بيئة استقطابية يُصوَّرُ فيها المتظاهرون في بعض وسائل الإعلام التابعة للدولة والسلطات على أنهم مفتعلو مشاكل، وفي وقت من المخطط أن تخرج أيضاً مظاهرات مضادة في نفس اليوم، نرى أن موقف السلطات يخاطر بأن يرقى إلى حد التقاعس عن أداء الواجب.”
وقد حذر وزير الداخلية من احتمال أن يحضر المظاهراتِ أفرادٌ ينتحلون صفة رجال شرطة وجنودٍ بأزيائهم النظامية بنيّةِ السعي لإثارة المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن.
ولم يفصح الوزير عما تخطط السلطات لفعله لحماية المتظاهرين أو للحيلولة دون وقوع المصادمات المحتملة.
وقالت حسيبة حاج صحراوي:” إن التحذير من وجود خطر على المتظاهرين من أشخاص ينتحلون شخصية رجال أمن وجنود وعدم اتخاذ إجراء للتعامل مع التهديد هو أمر غير مقبول. مثل هذا التصرف لن يعيد ثقة المصريين بوزارة الداخلية التي فقدت مصداقيتها منذ زمن طويل، كما أنه يلقي بظلال من الشك حيال مجموعة المبادئ والقواعد الأخلاقية الجديدة التي تنظّم عمل الشرطة.”
ورغم مرور عام على تولي السلطات المصرية زمام الأمور إلا أنها لم تنشر على الملأ بعد القواعدَ التي أوعزت لقوات الأمن للعمل بمقتضاها بخصوص استخدام القوة، وذلك على الرغم من الدعوات المتكررة لها لذلك من منظمة العفو الدولية وغيرها من المنظمات.
وقالت حسيبة حاج صحراوي:” بدلاً من أن تقوم السلطات بإصدار أوامر لقوات الأمن بأن توقف استخدام القوة المفرطة، عمدت إلى الثناء على أفعال تلك القوات وواصلت إلقاء اللوم على المحتجين وعلى “عناصر خفية” تتآمر ضد استقرار مصر. وباعتبار أن المتظاهرين سوف يحيون ذكرى القتلى والجرحى الذين سقطوا في المظاهرات في مصر، يجب ألا تتكرر مشاهد العنف التي شهدها العام الماضي. ويجب السماح للمتظاهرين بأن يمارسوا حقّهم في التظاهر السلمي دون خوف من التعرض للاعتداء.”
ومنذ “ثورة 25 يناير” كان يجري بشكل روتيني نشر قوات الأمن بما فيها الجنود والشرطة العسكرية وقوات الأمن المركزي وذلك من أجل قمع المظاهرات.
وقد استخدمت تلك القوات القنابل المسيلة للدموع والهراوى والرصاص المطاطي والرصاص الحيّ بما في ذلك رصاص الخرطوش ( رصاص بنادق الصيد) بغية تفريق المتظاهرين بالقوة، وفي عدد من الحالات شقّت عرباتٌ مصفحة طريقها عبر حشود الناس لتفريقهم وإصابتهم بجروح.
الإعلان عن رفع حالة الطوارئ في البلاد والتي مضى عليها ثلاثون عاماً ( اليوم الأربعاء) ليس من المرجح له أن يغير الوضع على الأرض حيث سيتواصل العمل بقانون الطوارئ في حالات “البلطجة” وهي جريمة مُعرّفة بشكل مطاطي مبهم تستخدم بشكل روتيني لقمع المحتجين.
وعلى الرغم من تعهدات “المجلس الأعلى للقوات المسلحة” في مصر بحماية المتظاهرين؛ إلا أن ما لا يقل عن 90 شخصاً قتلوا وأصيب آلاف آخرون بجروح أثناء مظاهرات استعملت فيها قواتُ الأمن القوةَ المفرطة.
وفي منتصف ديسمبر/كانون الأول سقط 17 قتيلاً – معظمهم جراء إصابته بالرصاص- نتيجة محاولة قوات الأمن العنيفة فضَّ اعتصامٍ قرب مبنى مجلس الوزراء.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني استعملت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وأطلقت رصاص بنادق الخرطوش والرصاص الحي خلال خمسة أيام من الصدامات قرب مبنى وزارة الداخلية في القاهرة بعد أن فرقت قوات الجيش والأمن المركزي متظاهرين وعائلات ضحايا “ثورة 25 يناير” من ميدان التحرير. وقد قتل أكثر من 50 شخصاً وأًصيب أكثر من 3000 شخصاً آخرين.
وفي أكتوبر/تشرين الأول هاجمت قوات الأمن متظاهرين كانوا يتظاهرون ضد التمييز الديني حول مبنى ماسبيرو حيث التلفزيون الحكومي في القاهرة. وقتل نتيجة ذلك ثمانية وعشرون شخصاً- سحق كثيرون منهم تحت عجلات العربات المصفحة التي كانت تشق طريقها بسرعة كبيرة في حشود المتظاهرين.
وخلال عمليات القمع ضد المظاهرات تم استهداف متظاهرات بعينهنّ من بين الناس لإساءة التصرّف معهنّ، وقالت كثيرات منهنّ إنهنّ تعرّضْنَ للتحرّش والتّهديد بالاعتداء الجنسي خلال وجودهنّ رهن الاعتقال.
وقد أثارت صور نساء وهنّ يتعرّضْنَ للضرب المبرّح على يد رجال الأمن غضباً ومزيداً من الاحتجاجات من الجماعات المدافعة عن حقوق المرأة في مصر، وذلك بعد نشر تلك الصور على الإنترنت والتي أعقبت مظاهرات خرجت في ديسمبر/كانون الأول.
وفي آذار/مارس الماضي وثّقت منظمة العفو الدولية كيف أن عدداً من النساء المتظاهرات تعرّضْنَ لـ”اختبارات العذرية” قسراً على يد قوات الجيش. وفي ديسمبر/كانون الأول حكمت محكمة إداريّة في القاهرة بأن ذلك الإجراء لم يكن قانونياً ويجب وقفه على الفور.
وقد دفع المصريون البسطاء ثمناً باهظاً نتيجة العنف، ومن هؤلاء أشخاص مثل أحمد حرارة الذي فقد البصر في إحدى عينيه بسبب إصابته خلال الثورة في يناير/كانون الثاني، ثم فقد البصر في عينه الثانية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لدى إطلاق قوات الأمن رصاص بنادق الخرطوش على أحد الاعتصامات.
وقد برأت التحقيقات التي أمر بها الجيش بشأن العنف في واقع الأمر أعمالَ قوات الأمن، إذْ لم يـُتهمْ ويُحاكمْ حتى الآن إلا ثلاثة من رجال الشرطة فيما يتعلق بقتل 14متظاهراً في ماسبيرو في أكتوبر/تشرين الأول.
للمزيد من المعلومات
مصر: الأحزاب السياسية تتعهد بإنهاء حالة الطوارئ، وكثير منها تمتنع عن الالتزام بحقوق المرأة (أخبار، 24 كانون الثاني /يناير 2012)
يجب السماح للمصريات بأن يتظاهرن بسلام (أخبار، 23 كانون الأول/ ديسمبر 2011)
منظمة العفو تحث مصدري الأسلحة على وقف عمليات النقل إلى الجيش المصري (أخبار، 20 كانون الأول/ديسمبر 2011)
حث مصر على إطلاق سراح مدون حكمت عليه محكمة عسكرية (أخبار، 14 كانون الأول/ديسمبر 2011)
حكام مصر العسكريون “يسحقون” آمال محتجي 25 يناير (أخبار، 22 تشرين الثاني /نوفمبر 2011)