إن الأحداث الجارية في مصر هي مصدر قلق كبير للشبكة الأوروبية-المتوسطية لحقوق الإنسان، فهي أولا وقبل كل شيء نتيجة لغياب عقود طويلة من الديمقراطية. أخذ التدخل الثاني من القوات المسلحة المصرية مكانه في السياق السياسي، على الرغم من أن سلطة الرئيس مرسي نابعة من انتخابات معترف بها و صالحة على حد سواء وطنيا ودوليا، و كان ضد إرادة شرائح كبيرة من أي وقت مضى من المجتمع المصري:رغبة الرئيس مرسي وأنصاره في السيطرة على جميع آليات الدولة والمجتمع المدني تتناقض مع طموحات الديمقراطية لجزء كبير من الشعب المصري.
وقد أدى تدهور البيئة الاجتماعية و الاقتصادية وكذلك إفقار الشعب إلى استمرار تضرره مما زاد في خطورة الوضع وتدرجه إلى الأسوأ .ولذا هناك حاجة عاجلة لمعالجة الوضع من قبل الحكومة المصرية والمجتمع الدولي.
إن الإجراءات التي اتخذتها القوات المسلحة المصرية، خارج المجال الدستوري ، تفتح مرحلة جديدة تجعل إمكانية تكوين مجتمع ديمقراطي في مصر على المحك. فمن من اليوم، خلال الفترة الانتقالية، يجب توفر الظروف الملائمة و اللازمة لإنشاء و إرساء مستقبل ديمقراطي .
فلذا، يجب تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية، تحت المراقبة الدولية، دون أي مزيد من التأخير وهو من الضروري، كما يجب أن تقبل جميع القوى السياسية بالمشاركة فيها.
في ضوء هذه التطورات، تعرب الشبكة الأوروبية-المتوسطية لحقوق الإنسان عن قلقها العميق. إن الأيام والأسابيع القادمة سوف تؤدي إلى اختبار التزام النظام بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وروح الثورة المصرية التي اندلعت في عام 2011. و لذلك وجب على القوات المسلحة العودة إلى دورها الطبيعي، أي، الدفاع الخارجي للدولة – ويجب أن تتوقف عن التدخل في حفظ النظام. وينبغي الشروع في إجراء تحقيق بشأن استخدام العنف من قبل المتظاهرين والجيش، أو قوات الأمن. من غير المقبول أبدا الاغلاق العشوائي لوسائل الإعلام أو حظر الأحزاب، دون اجراءات قضائية، حتى رغم الادعاءات أنها تحرض على العنف. وطبعا أي تحريض من هذا القبيل يجب استنكاره.
و بشكل عام، إن المحاكم،بإعتبارها الهيئات المستقلة الوحيدة القادرة على إجراء محاكمات عادلة وفقا للمعايير الدولية، يتوجب عليها قبول و سماع أي تهم صادرة ضد أي أفراد، أو وسائل الإعلام أو الأحزاب السياسية. كما لا ينبغي احتجاز أي شخص بسبب مواقفه أو آرائه.
و بالاعتماد على ما هو موجود بالفعل سواء من حيث المعايير وضمن إطار السلطة القضائية، يجب على السلطة المكلفة بالفترة الانتقالية أن لا تتأخر في اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان الحريات الفردية والجماعية، فضلا عن استقلال القضاء.
وأخيرا، تعرب الشبكة عن قلقها الشديد إزاء الزيادة المخيفة في ممارسة العنف الجنسي ضد المرأة، ولا سيما خلال الأحداث الأخيرة، وتدعو السلطات المصرية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة ضد هذه الانتهاكات. و في هذا الصدد، تؤكد الشبكة على الدور الأساسي للمجتمع المدني المصري في عملية بناء الديمقراطية، التي يجب الاعتراف بها و ضمان استقلاليتها و استقلال المجتمع المدني بما في ذلك الاستقلال المالي.
إن الشبكة تدعو الاتحاد الأوروبي وحكومات الدول الأعضاء لتقديم المساعدة خلال هذه العملية الانتقالية، وعلى دعم تصرفات أولئك الذين يشاركون في ذلك.