اطلقت في 20 شباط/فبراير المنصرم مبادرة شعبية أوروبية للتوقيع على عريضة تدعو إلى حظر التعاملات التجارية التي تعود بالنفع على المستوطنات غير القانونية، و من بينها المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة. العريضة تقدمت بها حملة “أوقفوا المستوطنات”، و هي عبارة عن تحالف يمثل طيفًا واسعًا من المنظمات غير الحكومية و الحركات الشعبية و النقابات العمالية و السياسيين، الذين يقفون صفًا واحدًا في وجه جميع أشكال الأرباح المتأتية من وراء احتلال الإقليم أو ضمه بهدف ضمان احترام حقوق الإنسان و أٌسس التجارة العادلة و صون السلام و الاستقرار الدوليين.
و تطالب المبادرة الشعبية الأوروبية، بصفة خاصة، المفوضية الأوروبية بضرورة تقديم اقتراح بشأن الشروع في إجراء قانوني بموجب السياسة التجارية المشتركة للاتحاد الأوروبي لتنظيم المعاملات التجارية مع الكيانات القائمة في الأراضي المحتلة أو تلك التي تنشط هناك، من خلال منع دخول المنتجات التي منشؤها هذه المناطق إلى السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي. و من المعروف جيدًا أن بناء المستوطنات ينتهك القانون الإنساني الدولي و القواعد العامة للقانون الدولي، بما في ذلك حظر الاستيلاء على إقليم ما باستخدام القوة و حق سكانه في التمتع بتقرير المصير. و فوق ذلك، فإن جميع الدول و المنظمات الدولية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي و الدول الأعضاء به، تجد نفسها ملزمة بضرورة عدم الاعتراف بأي وضع نشأ نتيجة سلوك غير قانوني أو ينتهك قواعد القانون الدولي، و لا يجوز لها بأي حال من الأحوال تقديم الدعم أو المساعدة في الحفاظ على هذا الوضع و ضمان استمراريته.
واجب التصرف الذي يقع على عاتق الإتحاد الأوروبي
و لذلك، فإن القيام بأية أعمال تجارية مع مستوطنات غير قانونية يرقى إلى حد الاعتراف بوجودها و حتى يشكل دعمًا لها و مساندة، بحكم أنه يفتح الباب أمام تحقيق أرباح من وراء الاستيلاء غير القانوني على الأراضي و يٌسهم في توسيع دائرة المشروع الاستيطاني. كما أن تجارة كهاته تشجع المحتَل على مواصلة تسخير الموارد الطبيعية للأراضي المحتلة لخدمة مصالحه و تحقيق منافع له. و يضاف إلى ذلك، أن الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي ملزمة باحترام و ضمان احترام القانون الإنساني الدولي. و كانت بلدان الإتحاد الأوروبي أيضًا قد صادقت على المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية و حقوق الإنسان. و بناءً على ما سبق، نجد أنه من الضروري أن يتخذ الإتحاد الأوروبي و الدول الأعضاء به التدابير اللازمة لحظر المنتجات التي منشؤها المستوطنات.
و حظيت المبادرة الشعبية الأوروبية بدعم العديد من منظمات حقوق الإنسان، بمن فيهم الشبكة الأورو-متوسطية للحقوق، التي تشترك جميعها في نفس القيم و الأهداف. و تهدف المبادرة إلى جمع مليون توقيع يسمح لها بحثِّ المفوضية الأوروبية على التحرك و بعث رسالة واضحة و بنبرة عالية مفادها: أن الإتحاد الأوروبي و الدول الأعضاء به تتقيد بالتزاماتها الدولية، و لا تعترف بأي وضع غير قانوني أو تساعد بأي شكل من الأشكال في الحفاظ على استمراريته.
و يبقى التحول من خطوة وسم المنتجات القادمة من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى منع دخولها إلى السوق الأوروبية هدف تسعى الأورو-متوسطية للحقوق إلى تحقيقه على المدى الطويل. و تسعى المبادرة للوصول إلى هذا الهدف من خلال تبنيها لمقاربة ذات بعد قانوني، في حين تدعو الإتحاد الأوروبي للامتثال إلى المعاهدات الخاصة به و إلى قواعد القانون الدولي.
تضم الشبكة الأورو-متوسطية للحقوق صوتها إلى النداء العام لدعم هذه المبادرة الشعبية الأوروبية ECI(2021)000008. و هي عملية كانت قد بدأت منذ سنوات بناء على الدعوات المتزايدة من طرف منظمات المجتمع المدني في فلسطين لمنع دخول منتجات المستوطنات التي منشؤها الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى بلدان الإتحاد الأوروبي، و العكس صحيح. و يمكنكم الاطلاع على مزيد من المعلومات عن الموضوع من خلال زيارة الموقع الإلكتروني المتخصص. و تحظى هذه المبادرة بتأييد كل من مؤسسة الحق و المركز الوطني للتعاون الإنمائي و جمعية النهوض الاجتماعي، و هي منظمات عضو في الأورو-متوسطية للحقوق.