بدأ مؤتمر الأمم المتحدة لتغيّر المناخ لعام 2022، المعروف كذلك باسم “كوب-27” بعد أيام قليلة من إطلاق السلطات المصرية حملة إعتقالات تعسفية الأسبوع الماضي لأكثر من 100 شخص، بالإضافة إلى زيادة المضايقات وإستجواب المواطنين حول الدعوة إلى المظاهرات في 11 من تشرين الثاني/نوفمبر 2022.
وما يزال آلاف المدافعين المصريين عن حقوق الإنسان يواجهون قيودًا شديدةً تٌعيق عملهم، في وقت يجتمع فيه الآلاف من خبراء المناخ والبيئة في منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر في مفاوضات تدوم أسبوعين. والأدهى والأمر أن يظل مئات الرجال والنساء رهن الإحتجاز التعسفي وتصدر في حقهم أحكام على خلفية توثيقهم للإنتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات المصرية وجمع المعلومات المتعلقة بها. إن بقاء الناشط في مجال حماية البيئة والمدافع عن حقوق الإنسان، أحمد عماشة، خلف القضبان وبلده تحتضن كوب-27 أمر يدعو للسخرية.
جرى العرف أن تكون مؤتمرات الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ منابرًا تٌتيح للنشطاء في مجال حقوق الإنسان وتغير المناخ والعدالة الإجتماعية التعبير عن إنشغالاتهم. بيد أن السلطات المصرية، هذه المرة، منعت النشطاء المحليين والدوليين على حد سواء من المشاركة في كوب-27، من خلال تضييق الخناق على المتظاهرين المحتملين وإعتقال المئات ممن أرادوا إستغلال سانحة إنعقاد قمة التغير المناخي للتنديد بإغلاق السلطات المصرية للفضاء المدني وإستجوابهم.
وصرَّح رئيس الشبكة الأورو-متوسطية للحقوق، وديع الأسمر، قائلاً: “ضمنت السلطات المصرية أن المصريين العاديين لا يستطيعون إيصال أصواتهم من خلال سلسلة من الإجراءات: تعقب نشطاء الإنترنت، وقمع المسيرات، وتنظيم المؤتمر على أطراف الصحراء في منطقة سيناء“.
ترغب السلطات المصرية من وراء قرارها بإختيار مدينة شرم الشيخ المطلة على ساحل البحر الأحمر في منطقة سيناء الصحراوية لتنظيم مفاوضات مؤتمر الأطراف (كوب) في منع المصريين العاديين من إغتنام فرصة إنعقاد القمة للتظاهر علنًا“.
ويبرز المدير التنفيذي للأورو-متوسطية للحقوق، راسموس ألينيوس بوسيرب، قائلاً: “تستخدم السلطات المصرية هذا الحدث الدولي المتعلق بتغير المناخ لتلميع صورتها في ميدان حقوق الإنسان، وتجنب أية دعوات من المجتمع الدولي بمحاسبة مرتكبي إنتهاكات حقوق الإنسان”.
وإعتبرت عريضة “كوب-27 سيفيك سبايس“، التي وقعتها الأورو-متوسطية للحقوق، أن القيود التي تفرضها السلطات المصرية على الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتظاهر سلميًا “من شأنها الحيلولة دون نجاح قمة المناخ وضمان شموليتها وإشراكها للجميع”.
وتعتبر قمة الأطراف إحدى الأدوات الأساسية لمعالجة أزمة المناخ الحالية. وتدعو الأورو-متوسطية للحقوق الدول المشاركة والمنظمات لإغتنام فرصة إنعقاد هذه القمة لحملِ السلطات المصرية على الإفراج الفوري عن المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يقبعون وراء القضبان.
لا يمكن تحقيق عدالة مناخية من دون ضمان فضاء مدني مفتوح!