استنكرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان اليوم، تعدي أفراد ينتمون إلى الجماعة الإسلامية والدعوة السلفية وغيرهم، مساء الأحد 28 أكتوبر، على حفل غنائي بالمنيا، مما أدى إلى وقف الحفل بعد 20 دقيقة تقريبا من بدايته، ونشوب مناوشات بين المعتدين وبين مجموعات من شباب حزب الدستور وحركة 6 أبريل وقوى مدنية أخرى. كما أدانت الشبكة الموقف المتخاذل إلى حد التواطؤ من الشرطة التي لم يحاول أفرادها التدخل لوقف الاعتداء، واكتفي قياديون فيها بنصح منظمي الحفل بوقفه لتجنب الاشتباك مع المعتدين.
وكان مجموعة من النشطاء الأقباط والمسلمون قد اشتركوا في تنظيم حفل غنائي بمناسبة عيد الأضحى، في مدينة المنيا، لفريقين غنائيين هما “من قلب مصر“، و“إيد في إيد“، وذلك في إطار جهود لتأكيد الوحدة الوطنية. وحصل منظمو الحفل على موافقة محافظ المنيا الذي كان يفترض أن يحضر الحفل، بينما حضر عدد من مسؤولي المحافظة وأعضاء حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين. وفوجئ منظمي الحفل بتوزيع منتمين للجماعة اﻹسلامية والدعوة السلفية، منشورات تحذر من المشاركة في الحفل أو حضوره، بادعاء كونه حفلا تبشيريا، وأنه يتضمن غناء ترانيم مسيحية يحرم الاستماع إليها!!. وبعد بدء الحفل تجمهر العشرات من السلفيين وتيارات إسلامية أخري في مواجهة قاعة الاحتفالات المقام بها، وحاولوا منع الجمهور من الدخول، ورددوا هتافات مختلفة مهددين بوقف الحفل بالقوة. وفي حين تصدى لهم عدد من شباب حزب الدستور وحركة 6 أبريل وغيرهم فإن عناصر الشرطة التي انتفلت إلى المكان لم تحاول التدخل، واكتفى قياديون أمنيون بنصح منظمي الحفل بوقفه، وهو ما حدث بالفعل بعد انتشار الذعر بين الجمهور ومسارعة معظمه بالانصراف.
وقالت الشبكة العربية “إن شروع جماعات دينية في التلويح باستخدام العنف لفرض إرادتها على المجتمع، ووضع تصوراتها ذات الطابع الطائفي والمعادية لحرية التعبير والإبداع موضع التنفيذ بالقوة، هو بلا شك اعتداء صارخ على المجتمع ككل وتقويض خطير لسلطة الدولة وسيادة القانون. وفي حين يدق هذا الحادث جرس الإنذار لنا جميعا ويعيد إلى الأذهان صورا مزعجة لسلوكيات جماعات شبيهة في تونس وليبيا، فإن الموقف المتخاذل لمسؤولي الأمن في مواجهته، يكرر نماذج مشابهة له في البلدين المذكورين، مما يهدد بتطور الأمور إلى مثل ما وصلت إليه فيهما، وهو ما يتطلب منا التنبيه إلى ضرورة مراجعة، وتعديل موقف الدولة ومؤسساتها الأمنية بسرعة من مثل هذه الانتهاكات الخطيرة لحقوق المواطنين وأمنهم، لوقف هذه الممارسات قبل أن تخرج عن نطاق السيطرة“.
ودعت الشبكة إلى إجراء تحقيق في ملابسات الواقعة، وقالت “إن هذه الواقعة قد انطوت علي عدد من الخروقات القانونية التي لا ينبغي تجاهلها، إن كانت السلطات المصرية حريصة كما تدعي على إرساء قواعد سيادة القانون ومواجهة مظاهر الفوضى والانفلات الأمني، وإضافة إلى ضرورة فتح التحقيق في هذه الخروقات وتتبع مرتكبيها، فلا بديل عن التحقيق في إهمال مسؤولي الشرطة في أداء واجبهم المتمثل والوقوف على أسبابه وتوقيع العقاب المناسب علي المقصرين“.
كما طالبت الشبكة، منظمات المجتمع المدني والقوى السياسية باتخاذ موقف واضح من هذه الواقعة ومثيلاتها، خاصة وأن الفترة القصيرة الماضية قد شهدت مظاهر واضحة لحملة شبه منظمة تستهدف الطابع المدني للمجتمع، وتهدد بقمع الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، مما يستلزم تطوير جهد جماعي لمواجهة هذه الحملة والضغط على من في السلطة للقيام بواجبهم الذي يمليه الدستور والقوانين، إضافة للمواثيق والعهود الدولية التي تلزم الدولة المصرية بحماية حقوق وحريات مواطنيها من أي طرف داخلي يتعدى عليها.