نص المداخلة التي ألقاها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في دورته الـ19خلال مناقشته العاجلة للأحداث في سوريا
ألقى المداخلة ممثل مركز القاهرة بالأمم المتحدة: ليلى مطر
شكرا سيدتي الرئيسة
يشيد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بعقد هذه المناقشة العاجلة عن سوريا، ويحث الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ومن بينها مجلس حقوق الإنسان، على التحرك بالسرعة المطلوبة استنادًا إلى نتائج وتوصيات لجنة التحقيق حول سوريا -المنشأةبموجب قرار مجلس حقوق الإنسان- والتي قدمتها إلى هذا المجلس منذ ستة أيام. لقد خلصت اللجنة في تقريرها إلى أن القوات التابعة للحكومة السورية “ارتكبت انتهاكات واسعة النطاق ومنهجية وجسيمة لحقوق الإنسان ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية” (الفقرة 126)، وأن هذه الجرائم “ارتُكبَت … ضمن نظام للإفلات من العقاب” (الفقرة 127)، و”أن هناك مجموعة أدلة موثوق بها… تدعو إلى الاعتقاد بأن أفراد معينين، بمن فيهم ضباط في القيادة ومسؤولين على أعلى المستويات الحكومية، يتحملون المسئولية عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. ومن ثم، أودعت (لجنة التحقيق) لدى مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ظرفًًا مغلقًًا مختومًا يتضمن أسماء هؤلاء الأشخاص مما قد يساعد في التحقيقات المستقبلية ذات المصداقية” (الفقرتان 87 و88).
يرمز هذا الظرف إلى خيار مهم أمام هذا المجلس والدول الأعضاء في الأمم المتحدة: تجنبوا الوقوع في الخطأ – لأن الإفلات من العقاب هو في صميم ما يحدث في سوريا والشرق الأوسط على نطاق أوسع. إن من يستمرون داخل سوريا في إنشاء وتشغيل ما أشير إليه باسم “مصانع التعذيب”، حيث يتعرض الأطفال بشكل مطرد لأفظع أشكال الوحشية، وحيث يتم استئصال الأعضاء الجنسية للحصول على “أقوال”، وحيث تُستخرَج الأعضاء الداخلية من جثث الذين قُتلوا، وحيث يتم اغتصاب النساء والأطفال والرجال، وحيث يتم تشويه الناس بصورة أبعد ما تكون عن التصور والإدراك- من أصدروا الأوامر ونفذوا في سوريا القصف العشوائي للمدن والبلدات مستخدمين الدبابات والمدفعية- من يرتكبون مثل هذه الأعمال الوحشية يتجرأون على القيام بذلك لأن لديهم اعتقادًا راسخًا بأنهم لن يتعرضوا للمساءلة أبدًا.
وفي هذا السياق، فإن الظرف المختوم الذي هو في حوزة المفوضية السامية لا يحتوي فقط على قائمة بأسماء، ولكنه يحوي أيضًا المفتاح لمستقبل سوريا، المستقبل الذي إما سيحتدم فيه النزاع وتزداد المعاناة، أو سيشهد إصلاحًا ديمقراطيًا حقيقيًا ونهاية لوحشية استخدمتها الحكومة السورية لفترة طويلة لقمع مواطنيها. ونحن نحث المجلس على ضمان إبلاغ مجلس الأمن فورًا بالأدلة التي جمعتها لجنة التحقيق لإمكانية إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية، وجميع الجهود المبذولة لضمان المساءلة عن الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب في سوريا. إن من عانوا وماتوا من اجل الإصلاح الديمقراطي يستحقون من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أكثر من مجرد ظرف مختوم، فهم يستحقون التزامًا حقيقيًا وتحركًا متضافرًا لضمان مصداقية التحقيقات الجنائية.
شكرا سيدتي الرئيسة