فرنسا: الحريات في خطر باسم الإرهاب؟ لا، شكراً
تودّ الأورو – متوسطية للحقوق الإعراب عن بالغ قلقها إزاء القيود المفروضة حالياً وتلك التي ستُفرض في المستقبل على الحريات العامة في فرنسا في أعقاب الهجمات الإرهابية التي شهدتها العاصمة الفرنسية في 13 نوفمبر/تشرين الثاني. كما تدعو منظمتنا السلطات الفرنسية إلى التقيد بشكل تام بمبادئ الشرعية والضرورة والتناسب، واحترام، في سائر الأوقات، التزاماتها الدولية في ما يتعلق بحقوق الإنسان.
لقد عبرت منظمتنا بهلعها الشديد أمام هول وفظاعة الهجمات الإرهابية التي استهدفت مدينة باريس، وهي تقرّ بحق الحكومة الفرنسية باداء واجبها في ملاحقة ومقاضاة المرتكبين ومنع المزيد من الهجمات.
إلا أننا نؤكد من جديد أن الطريقة الوحيدة لمواجهة الارهاب تكمن في أقصى درجات احترام الالتزامات المتصلة بصون حقوق الإنسان وسيادة القانون.
وفي ظل حالة الطوارئ (التي تمّ تمديدها لثلاثة أشهر في 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي)، منحت فرنسا السلطات والشرطة صلاحيات واسعة جداً. وقد لجأت الشرطة وأجهزة الاستخبارات إلى استخدام هذه الصلاحيات بشكل مفرط. فتم فرض الإقامة الجبرية على أكثر من 250 شخصاً، كما جرت أكثر من 2,000 عملية تفتيش لمنازل ومحلات تجارية خلال الأسابيع الأخيرة. أما أسباب هذه التدابير، فلم تكن دائماً واضحة ولم تسفر عن دعاوى قضائية على خلفية أعمال إرهابية، وإنما أدّت إلى ارتكاب أخطاء وسوء معاملة وعنف.
بالإضافة إلى ذلك، فقد تمّ فرض قيود صارمة على حرية التعبير في سياق المؤتمر بشأن تغير المناخ (COP21) المنعقد في باريس من 30 نوفمبر/تشرين الثاني حتى 11 ديسمبر/كانون الأول. في واقع الامر؛ تمّ حظر جميع المسيرات والمظاهرات في فرنسا خلال هذا المؤتمر، في حين سُمح بإجراء أحداث أخرى، رياضية واقتصادية، في مواعيدها. غير أن الحركات الاجتماعية تلعب دوراً رئيسياً، ليس فقط بصفتها سلطة مضادة ولكن أيضاً بصفتها قوة لتقديم المقترحات. يجب أن تكون هذه الحركات قادرة على التعبير بحرية في الفضاء العام في مثل هذه الظروف.
لا يمكن لهذه المحظورات العامة إلا أن تؤدي إلى اشتباكات ومواجهات كما هي الحال في باريس حيث تمّ اعتقال 341 شخصاً وملاحقة العديد.
يبدو أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تؤدي، بشكل عام، إلى اشتباه معمم بالأشخاص الذين يمارسون الشعائر الإسلامية ليمتد إلى أولئك الذين يعارضون سياستها، من دون أن يسفؤ ذلك عن تقدّم في مكافحتها للإرهاب.
وسائر المشاريع الرامية إلى المزيد من التمديد لحالة الطوارئ وتعديل الدستور بحيث يتم إدراج حالة الطوارئ فيه وزيادة صلاحيات الشرطة من دون أي رقابة قضائية إنما تزيد من قلقنا وتعززه.
تدعو الأورو – متوسطية للحقوق الحكومة الفرنسية إلى احترام الحريات الفردية والجماعية وصون حرية التعبير والتظاهر. لا بدّ للسلطات الفرنسية من وقف الملاحقات بحق النشطاء السياسيين على خلفية أعمال لا تمتّ بمكافحة الإرهاب بأي صلة. فإذا كانت مكافحة الإرهاب واجباً على كل دولة ديمقراطية، فلا يمكن أن يتم ذلك على حساب واجب احترام الحريات.