يجب إتاحة دخول المراقبين المستقلين مراكز الاعتقال
(نيويورك، كوبنهاغن, باريس 25 أكتوبر/تشرين الأول 2012) – قالت كل من هيومن رايتس ووتش، والكرامة، والشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الانسان، ومركز الخليج لحقوق الإنسان، وإندكس أون سنسورشيب [مرصد الرقابة]، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، وصحفيون بلا حدود، ومؤسسة سمير قصير- مركز سكايز للحرية الإعلامية والثقافية إن على الرئيس بشار الأسد أن يفرج عن كافة النشطاء السلميين، والعاملين في الإعلام، وعمال الإغاثة الإنسانية، كجزء من العفو الذي تم الإعلان عنه يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول 2012. تم احتجاز هؤلاء الأشخاص لا لشيء إلا لممارسة حقوقهم الأساسية مثل حرية التجمع وحرية التعبير، أو لمساعدة الآخرين، وعلى هذا فما كان ينبغي احتجازهم أو ملاحقتهم قضائياً من الأصل، على حد تعبير تلك المنظمات.
منح مرسوم الرئيس التشريعي رقم 71 عفواً عاماً، يخفض أو يلغي عقوبة السجن المقررة على معظم الجرائم، إلا أنه يستثني كل من اتُهموا أو أدينوا بجرائم الإرهاب بموجب قانون مكافحة الإرهاب الصادر في 2 يوليو/تموز. رغم إصدار الأسد لأربعة مراسيم بالعفو في 2011 واثنين آخرين في يناير/كانون الثاني ومايو/أيار 2012، إلا أن قوات الأمن تواصل احتجاز الكثيرين من النشطاء السلميين. وعلى الحكومة، حتى تضمن عدم استثنائهم من العفو، أن تسمح لمراقبي الأمم المتحدة المستقلين بالدخول إلى مراكز الاعتقال السورية، كما قالت المنظمات.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “إذا كان الرئيس الأسد جاداً بشأن العفو فعليه أن يفتح أبواب سجونه كافة للمراقبين المستقلين كي يتأكدوا من هوية المحتجزين وأسباب احتجازهم، وإلا تحول هذا العفو إلى وعد جديد من وعوده الزائفة، مع حلول نشطاء آخرين سريعاً محل المحتجزين المفرج عنهم، وسجن عمال الإغاثة الإنسانية والصحفيين لقيامهم بعملهم”.
تتم بعض أسوأ انتهاكات لحقوق الإنسان في سوريا بعيداً عن الأنظار، خلف جدران زنازين مراكز الاعتقال، حيث يجري احتجاز آلاف السوريين تعسفياً، وبعضهم من النساء والأطفال، وتعذيبهم بوحشية في كثير من الحالات الموثقة. لم يزل نشطاء سلميون، ومدافعون عن حقوق الإنسان، وعمال ومحامون وأطباء وكتاب وصحفيون، محتجزين بمعزل عن العالم الخارجي، تعسفياً في أحيان كثيرة، وعرضة للتعذيب وإساءة المعاملة.
قال أنور البني، وهو محامي يتابع قضايا الكثير من المحتجزين، لـ هيومن رايتس ووتش إنه مطلع على عدة قضايا جرى فيها اتهام أفراد بمعاونة الإرهابيين لقيامهم بتقديم المساعدة الإنسانية، وأن النشطاء في بعض القضايا متهمون أيضاً بتنفيذ أعمال إرهابية، بمن فيهم الممثلة السورية البارزة مي سكاف.
يحدد قانون مكافحة الإرهاب تعريف الفعل الإرهابي بأنه “كل فعل يهدف إلى إيجاد حالة من الذعر بين الناس أو الإخلال بالأمن العام أو الإضرار بالبنى التحتية أو الأساسية للدولة ويرتكب باستخدام الأسلحة أو الذخائر أو المتفجرات أو المواد الملتهبة أو المنتجات السامة أو المحرقة أو العوامل الوبائية أو الجرثومية أو باستخدام أي أداة تؤدي الغرض ذاته”. ينص ذلك القانون أيضاً على معاقبة “الترويج” للإرهاب، بما فيه توزيع المطبوعات وغيرها من المعلومات، بالأشغال الشاقة المؤقتة. ويشمل تمويل الإرهاب التزويد المباشر أو غير المباشر بالمال أو السلاح أو الذخيرة أو المتفجرات أو وسائل الاتصال أو “الأشياء الأخرى” بقصد استخدامها في تنفيذ عمل إرهابي.
لا ينبغي لقوات الأمن أن تستخدم السلطات الواسعة التي يمنحها إياها قانون مكافحة الإرهاب لاستثناء النشطاء السلميين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، وعمال الإغاثة الإنسانية وغيرهم من المحتجزين السياسيين من العفو، كما قالت المنظمات.
رغم أن السلطات السورية رفعت قانون الطوارئ شكلياً في 21 أبريل/نيسان 2011، إلا أنها أصدرت في اليوم نفسه المرسوم التشريعي رقم 55، الذي يحدد المدة التي يمكن فيها احتجاز الشخص قانونياً دون مراجعة قضائية بـ60 يوماً في جرائم معينة، تشمل جرائم الإرهاب. وحسب أقوال محتجز سابق تحدث مع هيومن رايتس ووتش، فقد شرح له ضباط من ذوي الرتب الرفيعة في أثناء الاحتجاز أنهم يستخدمون هذا النص وكذلك قانون مكافحة الإرهاب لاحتجاز المعتقلين بشكل قانوني حتى 60 يوماً في انتظار المراجعة القضائية. لا يفي هذا الحد بما يشترطه القانون الدولي من أن تتم مراجعة الاحتجاز قضائياً “فوراً”. علاوة على هذا فقد قال عدد من المحتجزين السابقين ممن أجرت معهم هيومن رايتس ووتش مقابلات إنهم احتجزوا دون مراجعة قضائية لمدد تزيد على الـ60 يوماً التي يسمح بها القانون السوري.
رغم استحالة التحقق من عدد الأشخاص المحتجزين منذ بداية الاحتجاجات المناهضة للحكومة في مارس/آذار 2011 فإن مركز توثيق الانتهاكات، وهو منظمة مراقبة سورية، قال إن هذا العدد لا يقل عن 32,160. أفاد النشطاء في بعض القضايا بأن قوات الأمن احتجزت أفراداً من عائلاتهم للضغط على النشطاء لتسليم أنفسهم.
“هذه ليست المرة الأولى التي يدعي الرئيس السوري انه سوف يمنح عفوعام، ولكن ما زلنا قالقين للغاية بشأن النشطاء المحتجزين تعسفيا أو المختفين” قال ميشيل توبيانا، رئيس الشبكة الاوروبية المتوسطية لحقوق الانسان “ينبغي على السلطات السورية أن توقف فورا استهداف الناشطين السلميين وأسرهم تحت شعار مكافحة ما يسمى الإرهاب والكشف عن مصير جميع الأشخاص المحتجزين بمعزل عن العالم الخارجي”.
ضمن المحتجزين بمعزل عن العالم الخارجي عدد من موظفي المركز السوري للإعلام وحرية التعبير. في 16 فبراير/شباط داهمت المخابرات الجوية مكتب المنظمة واعتقلت 16 شخصاً، منهم 7 من النساء. ما زال خمسة من الرجال المعتقلين، بمن فيهم مازن درويش رئيس المنظمة وغيره من أفراد الطاقم ـ عبد الرحمن حمادة وحسين غرير ومنصور العمري وهاني زيتان ـ محتجزين بمعزل عن العالم الخارجي، ومكانهم غير معلوم به .
في 2 أكتوبر/تشرين الأول تم اختطاف محامي حقوق الإنسان البارز خليل معتوق، الذي كان يعمل في قضية المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، بينما كان يقود سيارته إلى مكتبه مع صديقه محمد ظاظا، ولم يُر منذ ذلك الحين. ترافع خليل معتوق عن العديد من نشطاء حقوق الإنسان والمدافعين عنها، بمن فيهم مازن درويش. قال أنور البني، الذي يتابع احتجازه، لـ هيومن رايتس ووتش إن خليل معتوق، الذي يعاني من مشاكل صحية، محتجز في مقر احتجاز تابع للأمن السياسي في دمشق. خليل معتوق هو المدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، ورئيس المركز السوري للدفاع عن معتقلي الرأي والضمير، وقد دافع عن العديد من النشطاء قبل وأثناء الانتفاضة أمام المحاكم العسكرية والمدنية ومحاكم أمن الدولة.
تعرض عمال الإغاثة الإنسانية والأطباء بدورهم للاعتقال والتحرش بأشكال أخرى، من جانب الحكومة السورية أثناء محاولة تقديم المساعدة، في انتهاك لالتزاماتها بموجب القانون الدولي. يشترط القانون الإنساني على الحكومة إتاحة وتسهيل المرور السريع دون عوائق للمعونة الإنسانية التي يتم توزيعها بشكل محايد على السكان المحتاجين، وضمان حرية الحركة لعمال الإغاثة الإنسانية، وهي الحرية الضرورية لممارسة مهام عملهم.
أفاد طبيب تم احتجازه سابقاً وتحدث مع منظمة العفو الدولية بعد الإفراج عنه في ربيع 2012، أ بأنه احتُجز مع طبيبين آخرين في أواخر فبراير/شباط في فرع المخابرات الجوية في المزة بدمشق، وأن الاثنين خضعا للتعذيب أثناء الاحتجاز. اعتقلت قوات الأمن أحدهما، وهو الدكتور محمد أسامة البارودي، من عيادته في 18 فبراير/شباط، والآخر، الدكتور محمود الرفاعي، من مستشفى المواساة في دمشق في 16 فبراير/شباط. قال الطبيب المفرج عنه إنه يعتقد أن د. البارودي ود. الرفاعي احتجزا بسبب تقديمهما العلاج الطبي للمتظاهرين المصابين.
في 31 ديسمبر/كانون الأول 2011، اعتقلت المخابرات العسكرية السورية حسين أحمد النابلسي بعد إطلاق النار عليه هو ورجل كان يركب معه دراجة نارية، وإصابته، كما أفاد الشهود. قال أحد أفراد عائلته لمنظمة العفو الدولية إنه كان قبل اعتقاله يقدم الطعام والمال للعائلات التي تضررت من الاضطرابات. حاولت عائلته التعرف على مكانه وحالته، لكن السلطات لم تستجب لمطالباتهم بالمعلومات.
وتظل سوريا أحد أخطر الأماكن في العالم لعمل الصحفيين. حسب منظمة صحفيون بلا حدود، تم سجن مالا يقل عن 150 صحفياً وصحفياً مواطناً منذ بدأت الاحتجاجات المناهضة للحكومة في مارس/آذار 2011، وقُتل 14 صحفياً و41 صحفياً مواطناً. كما استهدفت الحكومة آخرين ممن أبدوا آراء مثيرة للجدل أو شجعوا حرية التعبير.
قادت قوات الأمن السورية حملة تعذيب ممنهجة وواسعة النطاق للمحتجزين في أنحاء سوريا منذ بدء الاحتجاجات المناهضة للحكومة. ونشر محتجزون سابقون ومنشقون تقاريراً عن تعذيب بشع يشمل الانتهاك الجنسي مثل الاغتصاب والإرغام على التعري وصعق الأعضاء التناسلية كهربياً، والضرب بالعصي والأسلاك وبالأخص استهداف مناطق الجسم الحساسة، والحرق والصدمات الكهربية.
قالت المنظمات إن على الحكومة أن تتوقف فوراً عن الاعتقال التعسفي، واحتجاز وتعذيب الموجودين في عهدتها. وعلى الحكومة أن تسمح فوراً بالدخول الفوري ودون عوائق لمراقبي الاحتجاز الدوليين المعترف بهم، بمن فيهم مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الأخضر الإبراهيمي، ولجنة التحقيق الأممية حول سوريا، إلى كافة مقرات الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، دون أنذار مسبق.
يجب على مكتب المبعوث الخاص المشترك وعلى لجنة التحقيق الأممية أن يوفرا مراقبي حقوق الإنسان المحترفين، المدربين على تنظيم زيارات عشوائية ومنتظمة لكافة أماكن الاحتجاز، بما فيها مقرات الاحتجاز السرية المشتبه بها. وينبغي لهؤلاء الخبراء أن يتمتعوا بالقدرات والموارد اللازمة لتحديد الأشخاص المحتجزين تعسفياً، وحماية من أُجريت معهم المقابلات من التنكيل، وضمان سرية المقابلات وسلامتها، ومقابلة النساء اللواتي تعرضن للانتهاك الجنسي والأطفال الذين خضعوا للتعذيب.