تُدين الأورو-متوسطية للحقوق بشدّة حالة الإفلات من العقاب التي ينعم بها مرتكبو مذبحة رابعة وتدعو إلى اقتيادهم للمثول أمام العدالة.كما تحث الاتحاد الأوروبي على تنفيذ استنتاجات مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الصادرة في 21 أغسطس/آب 2013 وتدعو الدول الأعضاء فيه إلى الكف عن بيع الأسلحة إلى الأنظمة الاستبدادية على شاكلة مصر.
شَهِدَت مصر في 14 أغسطس/آب من عام 2013 إحدى أكثر عمليّات القمع دمويةً فيها ضدّ محتجين سلميين في التاريخ الحديث. وفي ذلك النهار، قُتِلَ ما لا يقلّ عن 800 شخصٍ على يد قوّات الأمن المصرية أثناء مشاركتهم في اعتصام. وكان المعتصمون قد احتشدوا في ميداني رابعة العدوية والنهضة احتجاجاً على الانقلاب العسكري، إذ كانت مصر قد شَهٍدَت قبل شهر من وقوع المجزرة، انقلاباً على أوّل رئيس يُنتخب ديمقراطياً فيها وهو “محمّد مرسي”. وحتّى هذه اللحظة، لم تتمّ محاسبة أيّ من المسؤولين عن اتخاذ قرار المذبحة.
وفي وقت سابق من هذا العام، زاد الرئيس عبد الفتّاح السيسي الذي كان يشغل منصب وزير دفاع وقت وقوع المذبحتين في عام 2013، من إحكام قبضته على الحكم عبر إدخل تعديلات دستورية تسمح له بالبقاء في سدّة الرئاسة حتّى عام 2030. فضلاً عن أنّ هذه التعديلات تزيد من تقويض استقلاليّة القضاء وتسمح للسلطات العسكرية بالتدخل في الشؤون المدنية. وأتت هذه التعديلات بعد الموافقة على قانون في شهر يوليو/ تمّوز 2018 يمنح الحصانة للضباط العسكريين الذين خدموا إبّان الفترة الممتدة من شهر يوليو/تموز 2014 حتّى شهر يناير/كانون الثاني 2016. وهذا القرار أوصدَ الباب أمام أيّ إمكانية لإحقاق العدالة لضحايا مذبحتي رابعة والنهضة.
وبموازاة ذلك، حوكمَ أكثر من 700 شخصٍ من الذين حضروا اعنصام رابعة محاكمةً جماعيةً في سبتمبر/ أيلول 2018. وصدرت أحكام إعدام بحقّ 75 شخصاً من المتهمين. وحذّرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان من أنّ تنفيذ أحكام الأعدام هذه سوف يمثّل ”إجهاضاً جسيماً للعدالة لا سبيل لإصلاحه“. أمّا المتهمون الآخرون، فصدرت بحقهم أحكام بالسجن المؤبد أو السحن لمُدَدٍ طويلة. ولم تجرِ تبرئة أحد. ومن بين الأشخاص الذين تمّت إدانتهم، نذكر المصوّر الصحفي “محمود أبو زيد” المعروف بـ”شوكان” والذي كان حينها يغطّي الاحتجاجات. وحُكِم على “شوكان” بالحبس خمس سنوات. وبعد إطلاق سراحه في شهر مارس/آذار من هذا العام، ظلّ يخضع لتدابير مراقبة تعسفية تفرض عليه قضاء 12 ساعة ليلياً في أحد مراكز الشرطة.
على الأطراف الفاعلة الأوروبية والدولية أن تكفّ فوراً عن دعم السياسات الاستبدادية الوحشية التي ينتهجها النظام المصري الحالي. وتحديداً عليها أن توقف تصدير الأسلحة وتقنيات المراقبة إلى مصر. لقد كشف تقرير صَدَر في السنة الماضية عن استخدام معدّات عسكرية مزوّدة من الفرنسيين في مذبحة رابعة. و بالرغم من ان الاتحاد الأوروبي قد سبق أن اتخذ قراراً في عام 2013 بوقف رخص تصدير أيّ معدّات لمصر من شأنها أن تُستخدم في أعمال “قمع داخلي” وقام بتقييم المساعدة الأمنية التي يقدّمها لها، غير أنّ فرنسا قد حلّت تدريجياً محلّ الولايات المتحدة الأمريكية كمورّد رئيسي للأسلحة بين 2013 و2017. وواصلت دول أعضاء أخرى في الاتحاد الأوروبي تزويد مصر بالأسلحة. يجب أن يتوقف بيع الأسلحة إلى مصر وغيرها من الأنظمة الاستبدادية.