تنطلق هذه الدراسة الاستقصائية الثالثة لوضع حرية التجمع والتنظيم في المنطقة الأورومتوسطية من مقدمة منطقية مفادها أن حرية التجمع والتنظيم )تحديداً حرية تكوين الجمعيات( تمثل حقاً أساسياً على نحو مطلق، إلى جانب حرية التعبير، من أجل ممارسة أي حق مدني أو سياسي آخر من الناحية الفعلية. كما أنها أساسية أيضاً من أجل الدفع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فدون حرية التجمع والتنظيم تستحيل المشاركة الفعلية في الشؤون العامة. كما أن القدرة على الدفاع عن حقوق الإنسان وتعزيزها مشروطة بالقدرة على ممارسة الحق بحرية التجمع والتنظيم. فمن دون تلك الحرية، يستحيل وجود السياسات السلمية
.يستند الحق في حرية تكوين الجمعيات إلى المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إذ تبدأ هذه المادة بالنص على أنه « لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه ». وتتواصل هذه المادة وتنص على أنه «لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم