أي دور لاتفاقية إسطنبول
حــدوش نـبـيـة
نائبة رئيس الأور ومتوسطية للحقوق
يحل ثامن مارس اليوم العالمي للمرأة ونحن في العشرية الثانية للقرن الواحد والعشرين، ولا زالت ظاهرة العنف ضد النساء مستمرة سواء بدول الشمال التي قطعت أشواطا مهمة في ترسيخ حقوق النساء، أو بدول الجنوب التي لا زالت في طور البناء الديمقراطي وتعزيز حقوق النساء كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان.
في هذا السياق يعتبر إطلاق الأور ومتوسطية للحقوق هذه السنة لحملتها حول اتفاقية إسطنبول للوقاية من العنف ضد النساء والعنف المنزلي ومكافحتهما، والتي اعتمدها مجلس أوربا في 11مايو/أيار 2011 ودخلت حيز التطبيق في فاتح غشت 2014، من الأهمية بما كان نظرا لما تكتسيه الاتفاقية من أهمية كبرى في مجال مناهضة العنف. وهي حملة تستهدف في نفس الوقت التعريف والتوعية بالاتفاقية والمرافعة من أجل انضمام بعض دول الضفة الجنوبية للمتوسط إليها، ومن أجل تفعيل مقتضياتها من خلال ترجمتها إلى تشريعات وسياسات بالنسبة للدول التي أصبحت طرفا فيها.
تكمن أهمية الاتفاقية في الموقع الذي تحتله ضمن المعايير والقوانين الدولية المؤطرة لمحاربة العنف ضد النساء. ففي غياب أي اتفاقية أممية في هذا المجال تبقى اتفاقية إسطنبول أهم أداة وأحدثها في مجال محاربة العنف. فقد سبق للدول أن استندت على بعض الاتفاقيات والبروتوكولات المرفقة بها وكذا الإعلانات والتوصيات كترسانة أممية وإقليمية يمكن الاعتماد عليها في التأطير للقوانين الخاصة بالعنف المبني على النوع، ومنها اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة السيداو (1979)، التوصية العامة 19 والمتعلقة بالعنف ضد النساء والصادر عن لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة (1992)، وإعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القضاء على العنف (1993) والبروتوكول الاختياري الملحق بالسيداو (1999)، الاتفاقية البيأمريكية من أجل الحماية والزجر والقضاء على العنف ضد المرأة (1994)، وبروتوكول حقوق المرأة في إفريقيا الملحق بالميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان (2003). لكن القصور في القوانين الخاصة بالعنف ظل قائما وبقيت مجموعة من الثغرات في القوانين والتدابير لم تسمح للدول بالقضاء على الظاهرة، ومن هنا تعتبر اتفاقية إسطنبول أشمل إطار لمحاربة العنف القائم على النوع.
فقد ركزت اتفاقية إسطنبول للوقاية من العنف ضد النساء والعنف المنزلي ومكافحتهما بصفتها إطارا شاملا وفعالا لمكافحة العنف في الفضاءين العام والخاص ومن دون أي استثناءات، عن طريق سن الدول الأطراف لقوانين ووضع تدابير خاصة وسياسات مندمجة ومنسقة، تهم المجالات الأساسية في مكافحة العنف وهي الوقاية والحماية والدعم مع التكفل والمرافقة وإعادة التأهيل للضحايا ثم التجريم والزجر بالنسبة للجناة. كما تـنص الاتفاقية على تحمل الدولة لمسؤولياتها والتزاماتها في تلك المجالات مع حثها للتعاون الفعلي مع منظمات المجتمع المدني العاملة في المجال.
تتضمن الاتفاقية تحديدا دقيقا للمفاهيم والتعريفات، ليكون لها فهم واحد ومتفق عليها، وتعتبر العنف ضد المرأة انتهاكا لحقوق الإنسان وشكلا من أشكال التمييز ضد المرأة، وبأن مسألة حظر التمييز والنهوض بالمساواة بين الجنسين هي الإجراء الوحيد الكفيل بالقضاء على العنف.
كما تكمن أهميتها أيضا في كونها اتفاقية تطبق في السلم وفي حالة النزاعات، وتأخذ بعين الاعتبار حالات اللجوء والهجرة؛ وبكونها اتفاقية مفتوحة للانضمام على كل الدول من غير المنتمية لمجلس أوربا أو التي شاركت في وضع الاتفاقية، وهو شيء إيجابي لمناهضة العنف القائم على النوع بالمنطقة الأور ومتوسطية التي تسعى الشبكة من خلال عملها فيها إلى النهوض بالحقوق الإنسانية وبالمساواة بين النساء والرجال.
حــدوش نـبـيـة
نائبة رئيس الأور ومتوسطية للحقوق
والمرجع السياسي للمساواة في النّوع الاجتماعي و حقوق النساء