سيمثل طالبٌ شابٌ جزائري، محمد قاضي (23 عامًا)، ومساعدٌ تونسي يعمل في شركة نشر، معز بن نصير (25 عامًا)، أمام محكمة جنح دائرة سيدي امحمّد بالجزائر العاصمة بتُهمة “التجمهر غير المسلّح”. تدعو منظمة العفو الدولية والشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الانسان إلى الإفراج عنهما على الفور ودون أيّ شرط نظرا إلى الطابع التعسفي لاعتقالها وللتهم الموجهّة إليهما.
أُوقِف الشابّان يوم 16 نيسان/أبريل الماضي أثناء مظاهرةٍ لحركة “بركات” نُظِّمَت عشية الانتخابات الرئاسية وقمعتها قوات الأمن بشكل عنيف، واعتُقلا احتياطيًّا بعدما وجِّهَت إليهما تُهمة ” التجمهر غير المسلح المفضي إلى المساس بالأمن العام” بموجب المادة 97 من قانون العقوبات الجزائري. وكان جميع الأشخاص الذين أوقِفُوا في تلك المظاهرة قد أُفرِج عنهم في نهاية النهار.
في الجزائر العاصمة، يحظر قرار صدر في 18 حزيران/يونيو 2001 ولا يزال ساريًا جميع المظاهرات في الساحات العامة. وعليه، وبالرغم من رفع حالة الطوارئ في سنة 2011، فإن المظاهرات غير المرخّص لها تُعتَبَر تجمّعاتٍ غير قانونية وقد يلاحَق المشارِكون فيها قضائيًا ويعرِّضون أنفسهم لعقوبات سجن تتراوح بين شهرين إلى ثلاثة أشهر. بموجب القانون 91ـ19، يُشتَرط الحصول على ترخيص مسبق لتنظيم أيّة مظاهرة عامة. ولكن نادرًا ما يُمنح هذا الترخيص على أرض الواقع، وخاصةً للمنظمات التي تنتقد الحكومة.
صرّح فيليب لوثر، وهو مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، قائلا: “يُنتَهَكُ حقُّ التجمع على نحو منتظم في الجزائر، سواءً عن طريق تفريق التظاهرات بشكل عنيف على يد قوات الأمن أو عن طريق ملاحقات قضائية تعسفية ضد من يمارس هذا الحق”. وفي هذا الصدد يقول رئيس الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الانسان ميشال توبيانا: “يجب على السلطات الجزائرية أن تعدّل تشريعها الوطني بما يتناسب مع أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لتكفل حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي وفقا لما ينص عليه دستور البلاد”.
علاوةً على ذلك، ووِفقًا للمعلومات المتاحة لدينا، نفى كلّ من محمد قاضي ومعز بن نصير مشاركتهما في المظاهرة في ذلك اليوم. وكان الشابان قد مرّا فقط بالمظاهرة المنظّمة أمام الكلية المركزية للجزائر الواقعة بالقرب من مقر إقامة محمد قاضي. وقد اعتبرهما عناصر الشرطة متظاهرين من حركة “برَكَات”.
وقد اعتبرت المنظمتان “أن هذه القضية تظهر تماما ممارسات السلطات الجزائرية التعسفية، حيث سجن شابين لاتهامهما بالمشاركة في تظاهرة على الرغم من إنكارهما لذلك، وعلما أن حق التظاهر يضمنه القانون الدولي”.
الشابّان معتقلان احتياطيًا في الوقت الحالي في سجن “سركاجي” (في الجزائر العاصمة). ورفضت غرفة الاتهام في 4 أيار/مايو طلبهما بالإفراج المؤقت بعد الطعن الذي قدّمه محامو الدفاع.
تُطالِب منظمة العفو الدولية والشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الانسان السلطات الجزائرية بالإفراج عن محمد قاضي ومعز بن نصير على الفور وبوضع حدٍّ لكلّ ملاحقةٍ قضائية في حقّهما. على السلطات الجزائرية أن تحترم الأحكام الدولية المتعلقة بالاعتقال التعسفي، ولا سيما المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على ما يلي: “لا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسّفًا”.
كما تحث المنظمتان السلطات الجزائرية على إلغاء قرار الثامن عشر (18) من حزيران/يونيو 2001 الذي يمنع المسيرات السلمية أو أيّ شكل من أشكال التظاهر في الجزائر العاصمة وإرساء نظام إشعار بسيط للمظاهرات العامة عوضا عن نظام الترخيص المسبق، وذلك بما يتماشى مع التوصيات التي سبق أنْ قدَّمها المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير.