لقد أنتجت الأزمة الصحية جراء فيروس كوفيد 19 ظروفا اقتصادية واجتماعية وسياسية أثرت بشكل مأساوي في كامل بلدان العالم وتسببت في اضطرابات هائلة وفتحت الانسانية على أسئلة تمسّ وجودها واستدامة الحياة.
ولقد كان مجال التعليم أهم المجالات التي لحقها ضرر كبير من هذه الأزمة الكونية بإغلاق المدارس وانقطاع التلاميذ والتلميذات عن التعلّم وحصول عجز في عدد كبير من البلدان عن ايجاد بدائل تضمن حلولا لهذه الأزمة، إذ أن التعليم عن بعد باستعمال التكنولوجيا لم يكن متاحا لعدد كبير من المتعلّمات والمتعلّمين المنتمين إلى فئات اجتماعية ضعيفة.
ولكن الأزمة أبرزت أيضا مكانة التعليم الكبيرة في مجتمعاتنا ذلك أن الكوادر الطبية من النساء والرجال تحمّلت وزر هذه المواجهة ضد الوباء. إن البطولات التي حققها القطاع الصحي العمومي قد أعادت إلى الواجهة أهمية المدرسة العمومية في بناء مجتمعات تقوم على قيم المساواة والإدماج والعدالة والكرامة.
إننا اليوم أمام فرصة تاريخية لإصلاح مؤسستنا التعليمية على قواعد ومبادئ مدرسة عمومية تضمن انخراط مجتمعنا في مسارات الديمقراطية والمواطنة والتنمية المستدامة.
إصلاح يمكننا من مواجهة أزمات خانقة تهدد مدرستنا العمومية من تزايد الانقطاع عن المدرسة وسياسات تقشّف وأزمات اقتصادية ستكون آثارها على حساب التعليم لا محالة.
نحن المنظمات المؤسسة لشبكة عهد للثقافة المدنية التي شاركت بفاعلية في كامل مراحل مسار الإصلاح التربوي في تونس، إذ نثمّن مجهودات شريكينا في الإصلاح وزارة التربية والاتحاد العام التونسي للشغل من أجل تأمين إنجاز الامتحانات الوطنية مع توفير شروط الصحة والسلامة، فإننا نؤكّد على ما يلي:
1. ضرورة استئناف الإصلاح التربوي في أقرب الآجال تحت إشراف قيادته الثلاثية (وزارة التربية، الاتحاد العام التونسي للشغل، شبكة عهد للثقافة المدنية ) ووضع كل الاستراتيجيات الضرورية لضمان فعالية هذا المسار واستدامته.
2. ضمان تشريك كل القوى الوطنية الحيّة في مواجهة الآثار المأساوية لأزمة فيروس كوفيد 19 على التعليم ووضع كل الموارد البشرية والمالية اللازمة لضمان معالجة آثار هذه الأزمة.
3. دعوة الحكومة إلى العمل على وضع التعليم ضمن أولوياتها الأساسية بضمان تدارك النقص في التحصيل الناتج عن إغلاق المدارس وعدم المساواة في الوصول إلى تكنولوجيا التعلم عن بعد واستخدامها.
* تأسست شبكة عهد للثقافة المدنية سنة 2013 وتتكون من المنظمات التالية:
المعهد العربي لحقوق الإنسان، الرابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الإنسان، الاتحاد العام التونسي للشغل، الهيئة الوطنية للمحامين بتونس، النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية، الشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الانسان، جمعية القضاة التونسيين.
وتشارك الشبكة بفاعلية في مسار الإصلاح التربوي.