تعد مرحلة ما بعد 25 يناير 2011 في مصر من المراحل المفصلية التي أفرزت، ولا تزال تفرز تداعيات طالت مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولم يكن المجتمع المدني بمنأي عن تلك التغيرات، وما أسفرت عنه من تحديات في البيئة التي تنشط فيها منظماته، لاسيما الحقوقية منها، فضلا عن التصعيد المتواصل لحملة من الاستهداف للمدافعات والمدافعين عن حقوق الأنسان طالت حاضرهم/ن وأمنهم/ن وأدوارهم، وهددت مستقبل المجتمع المدني في مصر بأسره. بدءا من منع أعضاء مجموعات حقوق الإنسان من السفر خارج البلاد، وتجميد ممتلكاتهم/ن في إطار تحقيقات جنائية دائرة فيما ما يعرف باسم «قضية التمويل الأجنبي». مرورا بالإغلاق التعسفي لبعض المنظمات الحقوقية، بما في ذلك تلك التي تعمل علي مناهضة التعذيب وقضايا حقوق المرأة، وحتي صدور القانون الأكثر سوءا في تاريخ العمل الأهلي في مصر.
وعلى الرغم من تطلع منظمات المجتمع المدنى عقب 25 يناير نحو إطار تشريعى يمنحها مزيدا من الحرية؛ جاء قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية الجديد الذي أقره البرلمان في نهاية 2016 مخيباً للتطلعات والطموحات، وبدلا من تخفيف القيود المفروضة في قانون 84 لعام 2002 على عمل الجمعيات والمؤسسات، أعلي القانون الجديد من إحكام قبضة الدولة تعلي منظمات المجتمع المدني، وهو القانون الذي قوبل باستنكار تام من جانب المراقبين المحليين والدوليين لعدم اتساقه مع الدستور المصري ولا مع القانون الدولي.
وفى هذه الدراسة يجرى تناول بيئة المجتمع المدنى فى مصر بشكل عام في مرحلة ما بعد يناير 2011، مع التركيز على أوضاع المنظمات النسوية من خلال مقابلات أجريت مع ممثلات عن ست منظمات نسوية، بهدف التعرف عن رؤيتهن للسياقات الحاكمة (السياسية والقانونية والثقافية والدولية). وكذا التعرف على رؤيتهن لتأثيرات هذه الأوضاع على بنية المؤسسات والتوجهات والأنشطة، فضلا عن استكشاف قدرة هذه المنظمات على البقاء والاستمرار فى ظل هذه الأوضاع. وأخيرا تستعرض الدراسة مجموعة من التوصيات التى عبر صاغتها النسويات اللائى تم إجراء مقابلات معهن.